وفي «المَبْسُوطِ»: وهذا سواء كان العوض قليلاً، أو كثيراً، من جنس الهبة، أو من غير جنسها. ويشترط في العوض شرائط الهبة من القبض، والإفراز، وأن يكون من غير مال الهبة، خلافاً لزفر إذ ملك الموهوب له تمّ في الهبة بالقبض فالتحق بسائر أمواله. ولنا: أَنّ الواهب ما قصد بهبته تحصيل ذلك البعض منها، لأنّه كان سالماً له، بل قصد إلى عوضٍ آخر. وإنّ حقّه من الرّجوع كان ثابتاً في الكلّ، فإذا وصل إليه بعضه لا يسقط حقّه في الباقي.
(وَ) رابعها: (خُرُوجُهَا) أي الهبة (مِنْ مِلْكِ المَوْهُوبِ لَهُ) ببيعٍ أو هبةٍ أو وَقْفٍ، لأنّ تبدّل الملك كتبدّل العين، وقد تبدّل الملك بتجدّد السبب.
(وَ) خامسها: (الزَّوْجِيَّةُ وَقْتَ الهِبَةِ) لأنّ هبة أحد الزَّوجين للآخر تحقّق ما بينهما من الأُلفْة والمودة، فكان المقصود منها الصلة وقد (حصل)(١) .
قيّد بوقت الهِبَة، لأنّه لو تزوّجها بعدما وهب لها كان له الرّجوع، ولو تزوّجها بعدما وهبت له، كان لها الرّجوع. ولو وهب لزوجته أو وهبت له ثم أبانها، فليس له ولا لها الرُّجوع.
(وَ) سادسها: (القَرَابَةُ المَحْرَمِيَّةُ) لِمَا روى الدَّارَقُطْنِيّ والبَيْهَقِيّ في «سُننهما»، والحاكم في «مستدركه» ـ. وقال: صحيحٌ على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه ـ عن عبد الله بن جعفر، (عن عبد الله)( ١) بن المبارك، عن حَمَّاد بن سَلَمة، عن قَتَادة عن الحَسَن، عن سَمُرَة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:«إذا كانت الهبة لذي رَحِمٍ مَحْرِم لم يرجع فيها». وقال الإمام: رواة هذا الحديث كلهم ثقات. ولأنّ المقصود منها مع القريب المحرم صلة الرَّحم وقد حصل، وفي الرّجوع قطعها فلا يرجع.
(وَ) سابعها: (هَلَاكُ المَوْهُوبِ) لأن الرّجوع في شيءٍ يستدعي قيام المرجوع فيه، وهلاكُه ينافيه. ولو ادّعى الموهوب له هلاكه صدّق بلا حَلِفٍ، لأنّه منكرٌ لوجوب الرّدّ عليه، فأشبه المودَع.
(وَضَابِطُهَا):
أي ضابط الأمور السبعة التي تمنع الرُّجوع (حُرُوفُ: دَمْعٍ خَزِقَه)