للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يُمْسَحُ ساترُ غيرِ الرِّجْلِ إِلَّا هي

===

على الجبيرة. والزَّنْدُ مَفْصِلُ طرَفِ الذراعِ في الكفّ. قال البيهقي: وصحَّ عن ابن عُمَر رضي الله عنهما أنه مسَحَ على الجبيرة، ولم يُعرَف له مخالف من الصحابة. وروى الدارقطني عن ابن عُمَر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يَمسَحُ على الجبائر. وضعَّفه، لكن صحَّحَ المنذريُّ وغيره عن ابن عُمَر موقوفاً عليه أنه توضَّأَ وكفُّهُ معصوبة، فمسَحَ عليها وعلى العصابة، وغَسَل سِوَى ذلك. والموقوفُ في هذا كالمرفوع، لأنَّ الأبدالَ لا تُنصَبُ بالرأي.

وروى الطبراني عن أبي أُمَامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لمَّا رماه ابنُ قَمِيئة يومَ أُحُد قال: «رأيتُه إذا توضَّأ حَلَّ عن عصابته، أي كشَفَ عنها ومسَحَ عليها بالوضوء». أي على الجبيرةِ بماءِ الوضوء، وكان شُجَّ في وجهه وكُسِرتْ رَباعِيَتُه صلى الله عليه وسلم (١) .

وروى أبو داود في «سننه» عن جابر قال: خرجنا في سفَرٍ فأصاب رجلاً منا حجَرٌ فشجَّه في رأسه، ثم احتلم فقال لأصحابه: هل تجدون لي رُخصةً في التيمُّم؟ قالوا: ما نجدُ لك رُخصةً وأنت تقدر على الماء، قال: فاغتسل فمات، فلما قَدِمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أُخبِرَ بذلك فقال: «قتلوه قتلهم الله، أَلا سألوا إذْ لم يعلموا؟ فإنَّما شِفاءُ العِيِّ السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمَّمَ ويَعْصِرَ أو يَعْصِبَ ـ شَكَّ موسى ـ على جُرحه خِرْقَةً ثم يمسَحَ عليها ويغسِلَ سائرَ جسده». قال البيهقي في «المعرفة»: هذا أصحُّ ما يُروَى في هذا الباب مع اختلافٍ في إسناده.

(ولا يُمْسَحُ سَاتِرُ غيرِ الرِّجل) بالإِضافة (إِلاَّ هي) أي الجَبِيرة، فلا يُمسَحُ على عِمامةٍ، ولا قَلَنْسُوَةٍ، ولا بُرْقُعٍ، ولا قُفَّاز. قال محمد في «موطئه»: أخبرنا مالك قال: بَلَغني عن جابر: أنه سُئل عن العِمامة فقال: لا، حتى يَمسَّ الشعرَ الماءُ. ثم قال: وأخبرنا مالك عن نافع قال: رأيتُ صَفيَّةَ ابنةَ أبي عُبَيد تتوضَّأُ وتَنزِعُ خِمارَها ثم تَمسحُ برأسِها.

قال نافع: وأنا يومئذٍ صغير. قال محمد: بهذا نأخذ، لا يُمسَحُ على خِمار ولا على عمامة، بَلَغنا أنَّ المسح على العمامة كان فتُرِكَ. أي فصار منسوخاً.

وأجازه الأوزاعي وأحمدُ وأهلُ الظاهر على العمامة، وقالوا: صحَّ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مسَحَ على عِمامته وخُفَّيه، فقد روى أبو داود في «سننه»، وابن خُزيمة في


= (١٣٤)، رقم (٦٥٧)، بلفظ: انكسرت. إلا أن الإِمام المطرِّزي صاحب "المغرب في ترتيب المعرب" قال: الصواب: كُسِرَ أحد؛ لأنَّه مذكر، أي الزند. ١/ ٣٦٨، مادة (زند).
(١) الرَّبَاعية: السِّن التي بين الثَّنِيَّة والنَّاب. مختار الصحاح ص ٩٧: مادة (ربع).

<<  <  ج: ص:  >  >>