للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بأسَ بسقُوطِها إِلا عن بُرء.

===

المسحُ على الكل تبعاً لموضع الجراحة، لأنه لا يُمكنه ربطُ موضعِ الجراحة وحده. وإن كان الحَلُّ والمسحُ لا يَضرُّ بالجُرح لا يجزيه المسحُ على الخِرقة، بل يَغسِلُ ما حول الجراحة ويمسَحُ عليها. وإن كان يَضرُّه المسحُ ولا يضره الحلُّ، يمسحُ على الخرقة التي على رأس الجراحة ويَغسِلُ حواليْها وما تحت الخرقة الزائدة، هكذا فسَّره الحسنُ ابن زياد، لأنَّ جواز المسح لأجل الضرورة فيتقدر بقَدْرها، ومِنْ ضررِ الحَلِّ أن يكون في مكانٍ لا يَقدِرُ على ربطها بنفسه ولا يجدُ من يربطها.

ولو مسَحَ على بعض الجبيرة، ذكر الحسن: أنه إن مسَحَ على الأكثر أجزأه وإلا فلا، لأنه أُقيم الأكثر مُقام الكل دفعاً للحرج. ولو تَرَك المسحَ على الجبائر، والمسحُ يَضرُّه، جاز بلا خلاف، وإن لم تَضُرّه لم تَجُز صلاتُه عند أبي يوسف ومحمد، ولم يحكِ في «الأصل» قولَ أبي حنيفة. وقيل: عنده يجوز تَرْكُه بناءً على رِوايَةِ استحبابه عنده، قيل: هو قولُه الأول ثم رجَعَ عنه، والصحيحُ: أنَّ عنده مسحَ الجبيرة واجب وليس بفرض حتى يجوزُ بدونه الصلاة، لأن الفرضية لا تَثبت إلا بدليلٍ مقطوع به، قال في «متن المواهب»: وبه قالا (١) . وفي «الخلاصة» من يقول: مسحُ الجبيرة فرْضٌ يقول: استيعابُهَا فرْض، وهو رواية عن أبي حنيفة، وفي رواية عنه: لو مَسَح الأكثرَ يجوز وعليه الفتوى. والمجروحُ كالمكسور.

(ولا بأسَ بسقوطها) أي في حال (إِلا) إذا سقطتْ بنفسها سقوطاً ناشئاً (عن بُرءٍ) فإنه إن كان في الصلاة يستقبل الصلاة (٢) ، لأنه ظهر حكمُ الحدَث السابق، فصار كأنه شَرَع من غير غَسْلِ ذلك الموضع. وإن كان خارجَ الصلاة يَغسِلُ موضعَها لا غير إن لم يكن مُحْدِثاً. وأمَّا إن سقطتْ عن غير بُرء فإن كان في الصلاة يَمضي عليها، وإن كان خارجَ الصلاة أعاد الجبيرة أو أبدَلَها بأخرى ولا يُعيد المسحَ لبقاء العذر.

والدليلُ على جواز مَسْح الجَبيرة ما رواه ابن ماجه، والبيهقي، والدارقطني: عن علي كرَّم الله وجهه أنه قال: انكسَرَ (٣) أحَدُ زَنْديَّ فسألتُ النبي صلى الله عليه وسلم فأمَرَني أن أمسحَ


(١) أي بالوجوب، لكن حقق ابن عابدين في "رد المحتار" ١/ ١٦٨: أن الوجوب عندهما بمعنى الفرض العملي، يفوت الجواز بفَوْته، فلا تصح الصلاة بدونه، وعنده هو وجوب يأثم تاركه فقط مع صحة الصلاة بدونه ووجوب إعادتها. ورجح ابن الهُمام قول الإمام، والفتوى على قولهما. انتهى مختصرًا.
(٢) أي يعيد.
(٣) في المطبوعة والمخطوطة وسنن ابن ماجه ١/ ٢١٥، كتاب الطهارة (١)، باب المسح على الجبائر =

<<  <  ج: ص:  >  >>