للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واسْتِيلادُهُ رَهْنَهُ. فإِنْ فَعَلَهَا غَنِيًّا، فَفِي دَيْنِهِ حَالًّا، أَخَذَ الدَّيْنَ، وفي المُؤَجَّلِ قِيْمَتَهُ رَهْنًا إِلى مَحِلِّ أَجَلِهِ. وإِنْ فَعَلَهَا مُعْسِرًا، ففي العِتْق، سعى العَبْدُ في أَقَلَّ مِنْ قِيْمَتِهِ ومِنَ الدَّيْنِ، ورَجَعَ عَلَى سَيِّدِهِ. وفي أُخْتَيْه سَعَى في كُلِّ الدَّيْنِ

===

رهنه (واسْتِيلادُهُ (١) رَهْنَهُ) وهو قول الشافعي. وعنه لا ينفذ العِتْق مطلقاً، لأَنه تَصَرُّفٌ لا في حَقِّ المُرْتَهِن بالإِبطال، فكان مردوداً كالبيع. وأَما تدبير الراهن العبدَ المرهون فيصح بالاتفاق. وإِذا صح التَّدْبير والاستيلاد خرج المُدَبَّر وأُم الولد عن الرهنية لبطلان المَحلِّية، لأَن استيفاء الدين لا يصح منهما (فإِنْ فَعَلَهَا) أَي الراهن العتق، والتدبير، والاستيلاد حال كونه (غَنِيَّاً، فَفِي دَيْنِهِ) أَي دَيْن المرتَهِن حال كونه (حَالاًّ، أَخَذَ) المُرْتَهِن (الدَّيْنَ) لا قيمة الرهن، إِذْ لا فائدة في أَخْذِهِ القيمةَ مع حلول الدَّيْنِ، لأَنها من جنس الدين استيفاءً له.

(وفي) دَيْنه (المُؤَجَّلِ) أَخَذَ المرتَهِن (قِيْمَتَهُ) أَي قيمة الرهن (رَهْنَاً) مكانه (إِلى مَحِل أَجَلِهِ) أَي الدَّيْن، لأَن تَصَرُّفَ الراهن وإِنْ صادف مِلْكه إِلاَّ أَنه تَعَدَّى إِلى حقِّ المرتَهِن، فيجب ضمانُهُ ويكون رَهْنَاً مكانَه دفعاً للضرر عن المرتَهِن، فإِذا حَلَّ الدَّيْن اقتضى المرتَهِن بِحَقِّهِ إِنْ كان من جنس دَيْنِه، لأَن الغريم له أَنْ يستوفي دَيْنَه من مال غريمه إِنْ ظَفَر به وهو من جنس حقه، وَرَدَّ الفضل لانتهاء حُكْم الرَّهْن بالاستيفاء.

(وإِنْ فَعَلَهَا) حال كونه (مُعْسِراً، ففي العِتْق، سعى العَبْد في أَقَلَّ مِنْ قِيْمَتِهِ ومِنَ الدَّيْنِ) وقضى به الدَّيْن إِنْ كان حالاًّ، ووضعه رهناً عنده إِنْ كان مؤجلاً، فإِذا حَل الدَّيْن قضى به (ورَجَعَ) العبد بِما أَدَّى (عَلَى سَيِّدِهِ) حال كونه غَنِيًّا، لأَنه سَعَى في دَينٍ على سيده بإِلزام الشَّرْع له فكان مُضْطَرّا في قضائه. ومَنْ قَضِى دين غيرِه وهو مضطرٌ في قضائه يرجع عليه بما قضى عنه.

(وفي أُخْتَيْه) أَي أُختي العِتق، وهما مسأَلتا التدبير والاستيلاد عليه (سَعَى) المُدَبَّر والمستولدة إِذا كان المَوْلَى مُعْسِراً (في كُلِّ الدَّيْنِ) لأَن كسبهما مملوكٌ للمَوْلى فكان قادراً على أَداء الدَّيْن به، وهو لو كان قادراً على أَداء الدين بمالٍ آخَر أُمِر بقضائه منه، فكذا إِذا كان قادراً عليه بكسبهما. بخلاف المُعْتَقِ حيث يَسْعَى في الأَقل من الدَّين ومن القيمة، لأَن كسبه خَالِصُ حَقِّه فلا يُجبر على أَنْ يَقْضِي به دَيْن سيده، ولكن لما سُلِّمت له مالية رقبته، وهي مشغولةٌ بْحَقِّ المرتَهِن، لَزِمه السِّعَاية (٢) في


(١) الاستيلاد: وطءُ الأَمة المملوكة ابتغاء الولد منها. معجم لغة الفقهاء ص ٦٧.
(٢) الاستسعاء: الطَّلَبُ من الرقيق الذي أُعتِق بعضه الكسبَ ليفك ما بقي منه في الرِّق. معجم لغة الفقهاء ص ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>