المريض يمنع نفوذ تَصَرُّفِهِ فيما زاد على الثُلث. ثُم المُرْتَهِن إِنْ كان دَيْنُهُ حالاً يأخذ الضمان بِدَيْنه إِنْ كان مِنْ جِنْس حَقِّه، وإِنْ كان دَيْنُهُ مؤجلاً يحبسه بالدَّيْن، فإِذا حَلَّ أَخَذَهُ بِدَيْنه إِنْ كان من جِنْس حَقِّه، وإِلاَّ حبسه حتى يَسْتَوفيَ دَيْنَه.
(وَجِنَايَةُ المُرْتَهِنِ) على الرهن (تُسْقِطُ مِنْ دَيْنِهِ بِقَدْرِهَا) لأَن جناية المرتَهِن على الرهن مضمونةٌ، لأَن الرَّهن مِلْك مالكه، وقد تَعَدَّى عليه المرتَهِنُ فيضمنه مالكه، فيسقط من دَيْنه قَدْرُ قيمة الجناية بحكم عقد الرهن، وما زاد عليه يضمن بالإِتلاف، كالمودَع إِذا أَتلف الوديعة.
(وجِنَايَةُ الرَّهْنِ عَلَيْهِمَا) أَي على الراهن والمرتَهِن، إِذا كانت موجِبة للمال: بأَن كانت خطأً في النَّفْس، أَوْ فيما دونها، (و) جنايته (عَلَى مَالِهِمَا هَدْرٌ). وقالا: جنايةُ الرهن على المرتَهِن معتبرة، وهو مذهب مالك والشافعي وأَحمد. قيدنا «الجناية» بكونها موجِبة للمال، لأَن الجناية الموجبة للقِصَاص يُستحقّ بها دَمُهُ، والمولى من دم مملوكه كأَجنبي، إِذْ لم يدخل في ملكه إِلا من حيثُ الماليةُ.
وأَما جناية الراهن على مال المرتَهِن فلا تعتبر بالاتفاق إِنْ كانت قيمته والدين سواء، إِذْ لا فائدة في اعتبارها، لأَنه لا يتملك بها العبد لاستيفائها بالدَّين، وتَمَلُّكه بها هو الفائدة، وإِن كانت قيمته أَكثر من الدَّين فعن أَبي حنيفة أَنها تُعتبرُ بقدر الأمانةِ، لأَن ذلك الفضل ليس في ضمانه، وعنه أَنها لا تعتبر، لأَن الفضل وإِنْ لم يكن مضموناً فحكم الرهن فيه ثابِتٌ وهو الحبس بالدَّيْن فصار بمنزلةِ المضمون. وأَما جِناية الرهن على ابن الراهِن أَوْ ابن المرتَهِن فمعتبرة على الصحيح، حتى يدفع بها أَوْ يفدي.
(ونَمَاءُ الرَّهْنِ) كولده، ولَبَنِهِ، وصوفه، وثمرته للرَّاهن، لأَنه متولِّدٌ من مِلْكه، وهو (رَهْنٌ) مع أَصله، لأَنه تَبَعٌ له، بخلاف الغلة والكسب لأَنه لا يكون رهناً معه، وعند أَحمد يكون رهناً معه وعند مالك الولد فقط، وعند الشافعي لا في الكل (لَكِنْ) إِنْ هَلَكَ النماء في يَدِ المرتَهِن (يَهْلِكُ بِلا شيءٍ) فلا يسقط به شيءٌ من الدَّيْنِ، لأَنه تَبَعٌ لأَصله، والأَتباع لا قسط لها مِمَّا يقابل أَصْلَهَا، لأَنها لا تدخل تحت العقد على سبيل القصد، لأَن اللفظ لا يتناولها.