للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإِنْ وَافَقَ وهَلَكَ فَقَدْرُ دَيْنٍ أَوْفَاهُ مِنْه.

ولا يَمْتَنِعُ المُرْتَهِنُ إِذَا قَضَى المُعِيرُ دَيْنَهُ، وفَكَّ رَهْنَهُ، وَرَجَعَ عَلَى الرَّاهِن.

ولو هَلَكَ مَعَ الرَاهِنِ قَبْلَ رَهْنِهِ، أَوْ بَعْدَ فَكِّه، لا يَضْمَنُ.

وجِنَايَةُ الرَّاهِنِ عَلَى الرَّهْنِ مَضْمُونَةٌ،

===

الرَّهن، لأَنه تَصَرَّفَ في مِلْك غيره على وَجْهٍ لم يأْذن له فيه، فصار غَاصِبَاً. وإِذا ضَمِن المستعيرُ القيمة تَمَّ عقد الرهن بينه وبين المرتَهِن، لأَن المستعير مَلَكه بأَداء الضمان، فتبين أَنه كان رهن ملك نفسه، وإِن شاء المُعير ضمن المرتهن فلا يتم عقد الرهن بين الراهن والمرتَهِن، فيرجع المُرْتَهِن على الراهن بما ضَمِن وبالدين. أَما بالدَّيْن فظَاهِرٌ، وأَما بما ضَمِن فلأَن الرَّاهنَ وَرَّطَه في ذلك، وصار كما لو مات العبد المرهون ثُم استحق وضمن المستحق المرتَهِن.

(وإِنْ وَافَقَ) المُسْتَعِيْر المُعير، بأَنْ رَهَنَ المُسْتعارَ فيما سَمَّى المُعير (وهَلَكَ) الرهن عند المرتَهِن (فَقَدْرُ دَيْنٍ) أَي فعلى المستعير مقدارُ دَين (أَوْفَاهُ مِنْه) أَي من المستعار، فإِنْ كانت قيمةُ الرهن مِثْلَ الدَّيْن أَوْ أَكثر فقد استوفى المرتَهِنُ منه كل الدين، فيضمن المستعيرُ للمُعِير مثل الدين في الصورتين، لأَن المستعير قضى دَيْنَه من مال المُعِير. ومَنْ قَضَى دَيْنَه مِنْ مالِ غَيْرِهِ ضَمِنَ له قَدْرَ دَيْنه، ولا يضمن المُستعير القيمة، لأَنه ليس بِمُتَعَدَ. وإِنْ كانت قيمةُ الرهن أَقَلَّ من الدين ذهب من الدين بِقَدْر قيمة الرهن، وعلى الراهن للمرتَهِن بقية دينه، وعليه للمعير قيمِةُ الرَّهْن لأَنه قَضَى قَدْرها من الدَّيْن بمال المعير، وكذا إِنْ أَصاب الرهن عيبٌ نَقَص قيمته، ذهب من الدَّيْن بحسابه، ووجب على الراهن مِثْله للمعير.

(ولا يَمْتَنِعُ المُرْتَهِنُ إِذَا قَضَى المُعِيْرُ دَيْنَهُ وفَكَّ رَهْنَهُ) أَي المعير، لأَن المعير محتاجٌ إِلى ذلك لتخليص مِلْكه (وَرَجَعَ) المُعِير (عَلَى الرَّاهِن) بما أَدَّى، لأَنه قضى دَيْن الراهن مضطراً فلا يكون متبرِّعَاً. قيد «بالمعير» لأَن الأجنبي إِذا قضى الدَّيْن فللمرتَهِن أَنْ يمتنع، لأَنه متبرِّعٌ لأَنه لا يسعى في تخليص مِلْكِهِ.

(ولو هَلَكَ) المُستعار (مَعَ الرَاهِنِ) أَي عنده (قَبْلَ رَهْنِهِ أَوْ بَعْدَ فَكِّه لا يَضْمَنُ) الراهن، لأَنه لم يصر به قاضِيَاً لدَيْنه ولا لشيءٍ منه بهذا الهلاك، وقضاء الدَّيْن أَوْ شيء منه بهلاك الرهن المستعار هو الموجِب لضمانه.

(وجِنَايَةُ الرَّاهِنِ عَلَى الرَّهْنِ مَضْمُونَةٌ) لأَن الرهن تعلق به حق المرتَهِن، وتَعَلُّقُ حَقِّ غيرِ المالك بالمالِ يَجْعَلُ المالِكَ كالأَجنبي، أَلا تَرَى أَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الوَرَثَةِ بمال

<<  <  ج: ص:  >  >>