للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا بِلا قَبُولِ الطَّالِبِ في المَجْلِسِ، إِلَّا إِذَا كفل عَنْ مُوَرِّثِهِ في مَرَضِهِ مَعَ غَيبَةِ غُرَمَائهِ، وبِمَالِ الكِتَابَةِ والعُهْدةِ

===

ساقط باطلة، لأَن صحة الكفالة تقتضي قيام الدَّيْن في حق أَحكام الدنيا ليتحقق معنى الكفالة، التي هي ضَمُّ الذِّمة إِلى الذِّمة في المطالبة، وإِنما لم يبرأْ بِمَوْتِهِ كفيله في حياته، لأَنه كان خَلَفه في الاستيفاء منه، فَجُعِلَ الدَّيْن باقياً في حَقّه، كما لو كان للميت مالٌ. وصح التبرع بقضائه، لأَن صحة تمليك المال لا يتعلق بوجود الدَّيْن، والحديثُ يحتمل أَنْ يكون إِقراراً بكفالةٍ سابقةٍ، فإِنَّ لفظ الإِقْرار والإِنشاء في الكفالة سواءٌ، ولا عموم لحكاية الفعل، ويحتمل أَنْ يكون وَعْداً لا كفالةً، وكان امتناعه عليه الصلاة والسلام من الصلاة عليه ليُظْهِر طريق قضاء ما عليه، فلما ظهر بالوعد، صَلَّى عليه.

(ولا) تصح الكفالة سواءٌ كانت بالنفس أَوْ بالمال (بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ في المَجْلِسِ) أَي مجلس العَقْد، وهذا عند أَبي حنيفة ومحمد. وقال أَبو يوسف: تصح. واختلف المشايخ على قوله، فقيل: عنده تصح بِوَصْف التوقف، حتى إِنْ رَضِي به الطالب بعد القيام من المَجْلس نفذ، وإِنْ لم يرض به بطل. وقيل: بِوَصْف النفاذ، ورِضَى الطالب ليس بشرطٍ عنده، وهو الأصح.

إِلاَّ أَنْ للطالب حَقَّ الرَّد (إِلاَّ) في مسأَلة واحدةٍ، وهي (إِذَا كفل) وَارِثٌ (عَنْ مُوَرِّثِهِ في مَرَضِهِ) بأَن قال مريض لِوَارِثِه: تَكَفَّل عني بما عَلَيّ مِنْ الدَّيْن لِغُرَمَائِي، فتكَفَّل عنه (مَعَ غَيْبَةِ غُرَمَائِهِ) وكان القياس على قولهما أَنْ لا تصح الكفالة في هذه المسأَلة أَيضاً، لأَن الطالب غير حاضر، ولأَن الصحيح لو قال هذا لِوَارِثِهِ فَضَمِنَه، لم يصح، فكذا المريض.

ووجه الاستحسان أَنَّ هذا إِنَّما يصح بطريق الوصية من المريض لِوَارِثِه أَنْ يَقْضِي دَيْنَه، لا بطريق الكفالة عنه، ولهذا صح وإِن لم يُسم المَريض الدَّيْن ولا رَبّ الدَّيْن، لأَن الجهالة لا تمنع صحة الوصية. وقالوا: إِنما تَصِحُّ إِذا كان له مَالٌ. ولو قال المريض لأَجنبي: تَكَفَّل عني بِمَا عَلَيّ مِنْ الدَّيْن،. فَتَكفَّل عنه، اختلف المشايخ: فقيل: لا تصح، وقيل: تصح.

(و) لا تصح الكفالة (بِمَالِ الكِتَابَةِ) وهو قول أَكثر أَهْل العِلمْ، وعن أَحمد في روايةٍ تصح (والعُهْدةِ) ـ بالجر ـ أَي ولا تصح الكفالة بالعهدة. وصورتُهَا: أَنْ يشتري عبداً فيضمن له آخِرَ عُهْدَتِه. وإِنما لم يصح ذلك لأَن العُهْدة اسمٌ يقع على الصَّكِّ القديم، وهو مِلْك البائع ولا يلزمه تسليمُه، فإِنْ ضَمِن الكفيل بتسليمه إِلى المُشْتَرِي فقد ضَمِن ما لا يَقْدِرُ عليه، ويقع على العَقْد، وعلى حقوقه، وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>