للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا في خصومةٍ وَرَدِّ وديعةٍ، وقضاءِ دَيْنٍ، وطَلاقٍ، وعِتْقٍ لم يُعَوَّضَا.

ولا يَصِحُّ بَيعُ عَبْدٍ أَو مُكَاتَبٍ، أَو ذِمّي، مَالَ صغيره المُسْلِم، وشِرَاؤهُ، والأَمْرُ بِشِرَاءِ الطَّعَامِ عَلَى البُرِّ في دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ، وعَلَى الخُبْزِ في قَلِيْلَةٍ، وعَلَى الدَّقِيقِ في مُتَوَسِّطَةٍ، وفي مُتَّخِذِ الوَلِيمَةِ عَلَى الخبْزِ.

===

وفي «الذخيرة»: لو باع أَحَدُهما والآخَرُ حاضرٌ يجوز، ولو كان الآخرُ غائِبَاً فأَجاز لم يَجُز عند أَبي حنيفة (إِلاَّ في خصومةٍ وَرَدِّ وديعةٍ، وقضاءِ دَيْنٍ، وطَلَاقٍ، وعِتْقٍ لم يُعَوَّضَا) وقال زُفَر والشافعي وأَحمد: لا يصح تَصَرُّفُ أَحد الوكيلين وَحْدَه في الخصومة.

قيد الوديعة «بالردّ» لأَن الوكيلين بقبض الوديعة لو قبض أَحدُهما بغير إِذن صاحبه يضمن، لأَن الموكِّل شَرَط اجتماعهما على القبض ولم يوجد، فصار قابضاً بغير إِذن المالك. فإِن قيل: ينبغي أَنْ يضمن النصف، لأَنه مأَمورٌ بقبض النصف. أُجيب بأَنه مأمورٌ بِقَبْض النصف مع صاحبه لا بدونه. وقيد الطلاق والعتق بأَنهما «لم يعوَّضَا» لأَنهما إِذا كانا بِعِوَضٍ كالبيع.

(ولا يَصِحُّ بَيْعُ عَبْدٍ أَوْ مُكَاتَبٍ، أَوْ ذِمّي، مَالَ صغيره المُسْلِم، و) لا (شِرَاؤُهُ) بماله، لأَن المكاتَب عَبْدٌ ما بَقِي عليه دِرْهَمٌ، والعبد لا ولايةَ له، قال الله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مثلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شيءٍ} (١) ، والكافر لا ولايةَ له على المسلم، قال الله تعالى: {ولَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ للكافِرِيْنَ على المُؤمِنِيْنَ سَبِيْلاً} (٢) . قيد الذمي لا للاحتراز عن الحربي، لأَنه في هذا الحُكْمِ مِثْلُهُ، بل عن المرتد، لأَن ولايته على أَولاده وأَمواله موقوفةٌ، فإِنْ أَسلم جُعِل كَأَنه لم يَزَل مُسْلِمَاً فينفُذ تصرفُهُ، وإِن مات أَوْ قُتِلَ على رِدَّتِهِ تَبْطُل لِتَقرُّر جهة انقطاع الولاية.

(والأَمْرُ بِشِرَاءِ الطَّعَامِ) يقع على الحنطة ودقيقها بناءً على العرف والعادة. وقيل: يقع (عَلَى البُرِّ في دَرَاهِمَ كَثِيْرَةٍ)، وهي عشرة فما فوقها (وعَلَى الخُبْزِ في) دراهم (قَلِيْلَةٍ)، وهي الثلاثة (وعَلَى الدَّقِيْقِ في) دراهم (مُتَوَسِّطَةٍ)، وهي ما بين الكثيرة والقليلة (وفي مُتَّخِذِ الوَلِيْمَةِ) يقع (عَلَى الخُبْزِ) وإِنْ كثرت الدراهم. والفارق في ذلك العُرْف وقرائن الأَحوال. وقال بعض مشايخ ما وراء النهر: الطَّعام في عُرْفنا ما


(١) سورة النحل، الآية: (١٧٥).
(٢) سورة النساء، الآية: (١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>