للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تَصِحَّان إِلَّا بالنَّقْدَيْن، والفُلُوْسِ النَّافِقَةِ، والتِّبْرِ، والنُّقْرَة، إِن تَعَامَل النَّاسُ بِهِما، وبالعَرْض بعد أَنْ بَاعَ كُلٌّ نِصْفَ عَرْضِهِ بِنِصفِ عَرْضِ الآخَرِ.

وهَلاكُ مالِهِا، أَو مالِ أَحَدهما قَبْلَ الشِّرَاءِ يُفْسِدُهَا، وهُوَ عَلَى صَاحِبِهِ

===

الثمن من مال نفسه يرجع على المُوَكِّل، أَما لو كان الأَداء مِنْ مال الشركة، فلم يرجع على شَرِيْكِه.

(ولا تَصِحَّان) أَي المفاوضة والعِنَان (إِلاَّ بالنَّقْدَيْن) من الذهب والفضة المضروبَين (والفُلُوْسِ النَّافِقَةِ)، أَي الرائجة، لأَنها حينئذٍ أَثمان، كالنقدين. (والتِّبْرِ) أَي وبالتبر: وهو ذَهَبٌ غير مضروب، (والنُّقْرَة) وهي فضة غير مضروبة (إِنْ تَعَامَل النَّاسُ بِهِما) في ظاهر المذهب وهو الأَصح، كما في «الهداية». بناءً على أَنهما بمنزلةِ العُروض، فلا يصلحان لرأْس مال الشركة ومال المضاربة. وقيل: تجوز بهما الشَّرِكة مُطْلَقَاً، لأَنهما خُلِقَا ثَمَنَيْنِ، فتصح الشَّرِكة بهما تَنْزِيْلاً للتعامل بهما منزلة الضَّرْب المخصوص.

(و) تصح المفاوضة والعِنَان (بالعَرْض بعد أَنْ بَاعَ كُلٌّ) من الشريكين (نِصْفَ عَرْضِهِ بِنِصْفِ عَرْضِ الآخَرِ) إِنْ تَساويا قيمةً، وإِن اختلفا: بأَن تكون قيمةُ أَحدهما أَلفاً، وقيمةُ الآخَرِ أَلْفَيْنِ، يبيع صاحب الأَقَلِّ ثُلُثَي عَرْضِهِ بثُلُث عَرْضِ الآخَر، فيكون كُلٌّ من العَرْضَيْن مُشْتَرَكاً بينهما أَثْلَاثَاً. والقصد أَنْ يصير العَرْض مشتركاً بينهما أَولاً شركةَ ملك، حتى لا يجوز لكل واحدٍ منهما حينئذٍ أَنْ يتصرف في مِلْك الآخَر، ثُم يعقدان عَقْد الشركة مُفَاوَضةً أَوْ عِنَانَاً، فيصير العَرْض رأْس مال شركة المفاوضةِ والعِنان، ويجوز لكل واحدٍ منهما حينئذٍ أَنْ يتصرف في نصيب الآخَر.

وهذه حيلةٌ لِمَنْ أَراد الشرِكَة مفاوضةً أَوْ عِنَانَاً، وهذا هو المختار تبعاً للقُدُوري، وشيخ الإِسلام، وصاحب «الذَّخِيْرة» والمُزَني من أَصحاب الشافعي.

وقال شمس الأَئمة وصاحب «الهداية»: إِنه لا يجوز عَقْدَ شَرِكة، لما تقدم أَنَّ العُروض لا تصلح رأَس مال الشَّركة لبقاء الجهالة في رأَس المال، والربح عند القِسْمة. ولا يَخْفى ضعفه لما تَبَيَّن من زوال جهالتها. ثم التقييد بالنِّصف وقع اتفاقاً على ما قررنا. وقيل: لتصح المفاوضة، فإِنَّ شَرْطَها التساوي، والأَظْهَر أَنْ يبيع كُلُّ وَاحِدٍ منهما نصفَ ماله بِنِصْفِ مال الآخَر وإِن تفاوتت قيمتهما، حتى يصير المال بينهما نصفين.

(وهَلَاكُ مَالِهِا) مبتدأَ، أَي مال الشركة قبل أَنْ يشتريا شيئاً، وفي بعض النسخ: «مالهما» أَي مال الشريكين اللَّذَيْن عقدا به الشركة، ويؤيده قوله: (أَوْ مالِ أَحَدهما قَبْلَ الشِّرَاءِ يُفْسِدُهَا) خبر المبتدأَ، (وَهُوَ) أَي هلاك مال أَحدهما (عَلَى صَاحِبِهِ) إِنْ هلك

<<  <  ج: ص:  >  >>