للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ الخَلْطِ في يَدِ أَيِّهِمَا هَلَكَ، وبَعْدَ الخَلْطِ عَلَيهِما. ولِكُلٍّ أَنْ يُبْضِعَ ويُوْدِعَ ويُضَارِبَ ويُوَكِّلَ، والمَالُ في يَدِهِ أَمَانَةٌ.

===

(قَبْلَ الخَلْطِ في يَدِ أَيِّهِمَا هَلَكَ). أَما إِنْ هَلَك في يد صاحبه فَظاهِرٌ، وأَما إِنْ هلك في يد الآخَرِ، فلأَنه أَمانةٌ في يده، لأَن كلاًّ منهما أَمِيْنٌ في رأَس مال صَاحِبِه، (و) هلاكُ مال أَحدهما (بَعْدَ الخَلْطِ عَلَيْهِما) لأَنه لا يتميز، فَجُعِل من مالهما.

(ولِكُلَ) من شريكَي مفاوضةٍ وعِنان (أَنْ يُبْضِعَ) أَي يُعْطِي مال الشركة لِمَنْ يَتَّجِرُ فيه (بغير شيء) (١) ، لأَن لِكُلَ أَنْ يستعمل مَنْ يَتَّجِر مِنْ مال الشركة بِأَجْرٍ، فبغير شيءٍ أَوْلى. (و) أَنْ (يُوْدِعَ) أَي يدفع مال الشركة وَدِيعةً، لأَن للشريك أَنْ يدفع مال الشركة لِمَنْ يحفظه بِأَجْرٍ، فَلأَنْ يدفعه لِمَنْ يحفظه بلا أَجْرٍ ـ وهو المودَع ـ أَوْلَى.

(و) أَنْ (يُضَارِبَ) أَي يدفع المال لِمَنْ يَتَّجِرُ فيه بِجُزْءٍ معلومٍ من الربح، لأَن المُضَارِب يصيرُ بالدَّفْع إِليه مودَعَاً، وبالتصرف في المال وكيلاً، وبالربح أَجِيراً.

هذا، وللشريك أَنْ يفعل في مال الشركة هذه الأَشياءَ على الانفراد، فكذا على الاجتماع، وهذه روايةُ «الأَصل» وهو الأَصح. (و) أَنْ (يُوَكِّلَ) مَنْ يتصرف في مال الشركة بالبيع والشراء، لأَن ذلك من عادة التجَّار والشركة مُنْعَقِدَةٌ، وهذا استحسانٌ. وفي القياس ليس له ذلك، لأَنَّ كل واحدٍ منهما وكيل صاحبه، وليس للوكيل أَنْ يُوَكِّلَ غيرَه، لأَن المُوَكِّل إِنما رَضِيَ رَأْيَه دون رَأَي غَيْرِه.

(والمَالُ) في كلَ من شركة المفاوضة والعِنان (في يَدِهِ) أَي يد كلَ من الشريكين (أَمَانَةٌ)، لأَنه قَبَضَه بإِذْن صاحبه لا على وجه المبادلة والوثيقة، فكان كالوديعة، حتى لا يضمنه إِلاَّ بالتعدي، وبيعِ المال وضيعةً (٢) وإِنْ شرط الفَضْل في الربح، لقول عَليَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: الرِّبْح على ما شَرَطَا، والوضيعة على قَدْرِ المالين.


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٢) عبارة المخطوط والمطبوع: "الوضيعة"، وما أثبتناه أوفق للمعنى. وبيع الوضيعة: البيع برأْس المال ووضع شيءٍ معلومٍ منه. معجم لغة الفقهاء ص ٥٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>