للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبِضَاعَةٌ إِنْ شُرِطَ كُلُّ الرِّبْحِ للمَالِكِ، وقَرْضٌ إِنْ شُرِطَ للمُضَارِبِ، وإجارَةٌ فَاسِدةٌ إِنْ فَسَدَتْ، فَلا رِبْحَ لَهُ بَلْ أجر مثل عَمَلِهِ، رَبحَ أَو لا.

ولا يُزَادُ عَلى مَا شُرِط

===

قال مالك والشافعيّ وأَحمد وأَكثر أَهل العلم. وعن علي والحسن والزُّهْري أَنه لا ضمان على مَنْ شَارَك (١) في الربح.

(و) هي (بِضَاعَةٌ إِنْ شُرِطَ كُلُّ الرِّبْحِ للمَالِكِ) لأَن المضارِب لَمَّا لم يَطْلُب لعمله بدلاً، وعملُهُ لا يتقوَّمُ إِلاَّ بالتسمية، كان وكيلاً متبرِّعَاً، وهذا معنى البضاعة، فكأَنَّه (نَصَّ) (٢) عليها.

(و) هي (قَرْضٌ إِنْ شُرِطَ) كله (للمُضَارِبِ) لأَن المضارب لا يستحق الربح كله إِذا صار رأَسُ المال مِلْكَاً له، لأَن الربح فَرْعُ المال، فكان تمليكُ المال مقتضىً هنا، لكنَّ لفظ المضاربة يقتضي رَدَّه، فكان قرضاً لاشتماله على معنيين، ولأَن القَرْض أَدْنَى من الهبة، فكان بالاعتبار أَوْلى لكونه أَقل ضرراً.

وقال مالك: هي في الصورتين مضاربةٌ صحيحةٌ، لأَنه إِذا (شَرَطا) (٣) لأحدهما كلَّ الربح فكأَن الآخر وَهَبَ له نصيبه. وأُجيب بأَن الربح حال العقد معدوم، والهبة لا تصح عند عدم الموهوب. وقال الشافعي وأَحمد: إِذا قال: خذه مضاربةً والربح لي أَوْ لك، تفسد المضاربة، لأَنها تقتضي أَنْ يكون الربح بينهما، فإِذا شُرِط اختصاصه بأَحدهما فسدت، كما لو شُرِط الربحُ كلُّه في شركة العِنان (٤) . وأُجيب بأَنه لما ثبت حكم الإِبضاع (٥) أَوْ القَرْض انصرف العقد إِليه وصار كأَنه قال: خذه بضاعةً أَوْ قَرْضَاً.

(و) هي (إِجارَةٌ فَاسِدَةٌ إِنْ فَسَدَتْ) لأَن الواجِب له حينئذٍ في مقابلة عَمَلَه أَجْرُ المِثْل، كالإِجارة الفاسدة، (فَلَا رِبْحَ لَهُ) أَي للمُضَارِب (بَلْ) له (أَجْرُ مثل عَمَلِهِ) سواء (رَبِحَ أَوْ لا) وبه قال الشافعي وأَحمد في رواية، لأَن الأَجْر يجب بتسليم المنافع أَوْ العمل، وقد وُجِدَ العمل فيجب له أَجر المِثْل. وعن أَبي يوسف لا أَجْر له إِذا لم يَرْبح، وبه قال مالك ـ في روايةٍ ـ وبعضُ أَصحاب أَحمد اعتباراً بالمضاربة الصحيحة، فإِنه إِذا لم يربح فيها لا يستحق شيئاً، والفاسد من العقود يأَخذ حُكْم صحيحه.

(ولَا يُزَادُ) في أَجْر العمل للمُضَارِب (عَلى مَا شُرِط) من الربح عند أَبي


(١) في المطبوع: شورك، وما أَثبتناه من المخطوط.
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع: شرط، وما أَثبتناه من المخطوط.
(٤) تقدم شرحها في كتاب الشركة ص ٥٢٩.
(٥) الإِبضاع: وَضْع السلعة عند آخر ليبيعها دون أن يأَخذ على ذلك أَجرًا. معجم لغة الفقهاء ص ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>