من الخارج لربِّ الأَرض وهو مفسد للعقد، كما لو دفع الغنمَ ونحوَهَا إِلى مَنْ يرعاها ويَخْدُمُهَا بنصف الزوائد التي تحدث منها، فلذا نُهُوا عنها.
ثُم اعلم أَنَّ أَبا حنيفة فَرَّع مسائل المزارعة والمعاملة على أُصولهما لمَّا علم أَنَّ الناس لا يأخذون بقوله فيهما، كذا في «الفصول العمادية». والأظهر أنَّ صِحَّة المزارعة روايةٌ عنه والمسائلُ متفرّعة عليها إِلاَّ أَنه اختار فسادها، وأَخَذَ أَصحابُهُ بروايةِ صحتها (بِشَرْطِ صَلَاحِيَّةِ الأَرْضِ للزَّرْعِ) لأَن المقصود هو الربح، وهو لا يحصل بدونه (وَأَهْلِيَّةِ العَاقِدَيْنِ) وهما: ربُّ الأَرض، والمُزَارِع: بأَن يكون كلُّ واحدٍ منهما حرّاً عاقِلاً بالغَاً أَوْ عَبداً أَوْ صبيًّا مأْذونَين. وهذا الشرط لا اختصاص له بهذا العقد، بل جميعُ العقودِ كذلك.
(وذِكْرِ المُدَّةِ) لأَن العقد يَرِدُ على منفعةِ ربِّ الأَرض إِنْ كان البَذْرُ من جهة العامل، وعلى منفعة العامل إِنْ كان البذر من جهة ربِّ الأرض، والمنفعة هنا لا يُعْرف مقدارُهَا إِلا بِبَيان المدة، فكان معياراً للمنفعة. ويُشترط في المدة: أَنْ لا تكون أَقلَّ مِمَّا يمكن فيه الزراعة، وأَن لا تكون لا يعيشُ إِلى مِثْلها أَحَدُهُما غَالِبَاً، وهو المختار للفتوى، على ما في «الخِزانة». وعند محمد بن سَلَمة لا يُشترط بيانُ المدة، ويقع ما لم يُبَيّن فيه المدة على سنةٍ واحدةٍ، وبه أَخذ الفقيهُ أَبو الليث. وفي «الفتاوى المنصورية»: الفتوى على ما قاله محمد بن سَلَمة.
(ورَبِّ البَذْرِ) أَي وذَكَرَهُ بتسميتِهِ لأَنه المستأْجِر. (و) ذكر (جِنْسِهِ) أَي جنس البذر ليصيرَ الأَجْرُ معلوماً، لأَنه منه. (و) ذكر (قِسْطِ الآخَرِ) وهو غيرُ ربِّ البذر، لأَنه أُجرةُ عَملِهِ أَوْ أَرْضِهِ. (والتَّخْلِيَةِ) أَي ويشترط التخلية (بَيْنَ الأَرْضِ والعَامِلِ) ليتمكن من العمل، فلو شُرِط عمل ربِّ الأَرض مع العامل لا يصح، لفَوَاتِ التخلية. (وشُيُوْعِ الحَبِّ) الخارج بين العاقدَيْنِ لتحقق المعنى المقصود من المزارعة وهو الشَّرِكَة، لأَنها تنعقد إِجارةً في الابتداء وشركةً في الانتهاء.
(فَتَفْسُدُ) المزارعة (إِنْ شُرِطَ مَا يُنَافِيه) أَي يُنَافي شيوع الحَبِّ الخارج (كَرَفْعِ البَذْرِ) أَي رفع ربِّ البِذْر من الخارج ثُم قسمة الباقي. (أَوْ) رفع (الخَرَاجِ) من الأَرض الخراجية خَراجاً مُوَظَّفَاً، (ثُمَّ قِسْمَةُ البَاقِي) لجواز أَنْ لا يخرج من الأَرض