للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَحَلّ اسْتِعْمَالُ المُفَضَّضِ مُتَّقِيًا مَوْضِعَ الفِضَّةِ، وَالأَحْجَارِ

===

وأمّا كونه محرّماً أو كراهة تحريم فلا دلالة فيه فيما ذكره، فتأمّل فإنه موضع زللٍ.

(وَحَلّ) عند أبي حنيفة (اسْتِعْمَالُ المُفَضَّضِ) أي المرصّع بالفضّة وكذا المُضَبَّب، وهو المشدود بها حال كون المستعمِل (مُتَّقِياً) أي مُجْتَنِباً (مَوْضِعَ الفِضَّةِ) فيتقي في الشرب موضع الفم، وقيل: وموضع اليد في الأخذ، ويتقي في السَّرير والسَّرْج والكُرْسِيّ موضع الجلوس. وكذا إذا جعل ذلك في نَصْل (١) السيف أو السِّكين أو قبضتهما ولم يضع يده في موضع الذَّهب والفضَّة. وكذا المُفَضَّض من اللِّجام والرِّكَاب (٢) . وكذا الثوب فيه كتابةٌ بذهب أو فِضَّة لا يكره عند أبي حنيفة لأنّ موضع التّضْبيب (٣) تابعٌ لغيره، فلا يكره. وصار كالجُبّة المكفوفة بالحرير، والثوب المُعْلَم بالحرير، والفَصّ المُسَمَّر بمسمار الذَّهب، والعِمَامة المُعْلَمَة بالذَّهب.

وقال أبو يوسف: يكره ذلك، لأنّ من استعمل إناءً كان مستعملاً لكل جزءٍ منه، فيكره المضبب مع اتّقاء موضع الفضّة، كما يكره مع استعمال موضعها. وقول محمد يروى مع أبي (حنيفة ويروى مع أبي) (٤) يوسف، وعلى هذا الخلاف إذا جعل ذلك في السّقف أو في المسجد، أو جعل حلقة المرآة من الذّهب أو الفضّة، أو جعل المصحف مذهّباً أو مفضّضاً. وهذا كله إذا كان يخلص منه شيء. وأمّا الذي لا يخلص منه شيء كالمُمَوَّه فلا بأس به إجماعاً لأنّه مستَهلَك فلا عبرة ببقاء لونه.

(وَالأَحْجَارِ) أي وحلّ استعمال الأحجار الثّمينة للإباحة العامة في قوله تعالى: {هُوَ الّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فَي الأرْضِ جَمِيعاً} (٥) . وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ التِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} (٦) لا الذهب، أي لا يحلُّ استعمال الحُلِيِّ الذهب والفضة للرجال، لما أخرجه الجماعة إلاّ البخاري من حديث عبد الله بن جُبَيْر أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التَّختُّم بالذَّهب. وأخرج الترمذي (والنَّسائي) (٧) عن أبي موسى الأشعري أنّ رسول


(١) النَّصْل: حديد الرُّمْح والسَّهم، والسكين. المعجم الوسيط ص ٩٢٧، مادة: (نصل).
(٢) الرِّكاب: للسرْج: ما توضع فيه الرِّجل. المعجم الوسيط ص ٢١٨، مادة: (ركب).
(٣) التَّضبيب: إلباس الإناء المكسور ونحوه الحديد ونحوه. معجم لغة الفقهاء ص ١٣٣.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٥) سورة البقرة، الآية: (٢٩).
(٦) سورة الأعراف، الآية: (٣٢).
(٧) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، والصواب إثباته. لوجوده عند النّسائي في السنن ٨/ ٥٧٥، كتاب الزينة (٤٨)، باب: تحريم لُبس الذّهب (٧٦)، رقم (٥٢٨٠)، ولفظه: "إنّ الله عزّ وجلّ أحَلّ لإناث أمتي الحرير والذهب، وحَرّمه على ذكورها".

<<  <  ج: ص:  >  >>