للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإنْزاءُ الحَمِيرِ عَلَى الخَيلِ، وَسَفَرُ الأَمَةِ وَأُمِّ الوَلَدِ بِلا مَحْرَمٍ.

وصَحَّ بَيعُ العَصِيرِ مِنْ مُتّخِذِهِ خَمْرًا. وَكُرِهَ اسْتِخْدَامُ الخَصِيِّ،

وَ

===

(وَ) جاز (إِنْزاء (١) الحَمِيرِ عَلَى الخَيْلِ) لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم ركب البغلة، وهي من إنزاء الحمير على الخيل، ولو كان هذا الفعل حَرَاماً لمَا ركبها، لِمَا في ركوبها من فتح بابه كذا ذكروه. وفيه بحثٌ، إذ لا يلزم من ركوبها جواز الإنزاء، فقد روى أبو داود والنَّسائي عن عليّ قال: أُهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة فركبها فقلت: لو حملنا الحمير على الخيل فكانت لنا مثل هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون». ولعلّ علماءنا حملوه على كراهة التنزيه وجوّزوه.

(وَ) جاز (سَفَرُ الأَمَةِ وَأُمِّ الوَلَدِ بِلَا مَحْرَمٍ) لأنّ الأجانب مع الإماء فيما يرجع إلى النظر والمس بمنزلة المحارم، فكما يجوز للحرة أن تسافر مع المَحْرَم، فكذا يجوز للأمة أن تسافر مع الأجنبي، وأُمّ الولد أَمَةٌ لقيام الملك فيها، وإن امتنع بيعها، وكذا المُكَاتَبة لأنها مملوكة رقبةً، وقد تقدّم اختلاف المشايخ في اختيارهم. وفي «النهاية» معزياً إلى شيخ الإسلام: هذا في زمانهم لغلبة أهل الصلاح، وأمّا في زماننا فلا، لغلبة أهل الفساد.

((وصَحَّ (٢) ) بَيْعُ العَصِيرِ مِنْ مُتّخَذِهِ خَمْراً) لعموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ} (٣) ، ولأنّ المعصية لا تُقام بعينه باقياً على حاله، بل بعد تغيره وصيرورته أمراً آخر ممتازاً عن العصير بالاسم والخاصة، بخلاف بيع السلاح في أيام الفتنة، فإنّ المعصية تقام بعينه. كذا ذكروه.

وينبغي أن يكون مكروهاً لكونه سبباً لتحصيل المعصية، ولقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ والتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثم وَالعُدْوَانِ} (٤) ولذا منعه مالك والشّافعيّ.

ويَحْرُم على المسلم أخذ دَيْنه من ثمن خمر باعها مسلم لا ذمي، لأنّ بيع المسلم الخمرَ باطل، إذْ لا قيمة للخمر في حق المسلمين، فلم ينعقد البيع، وإذا لم ينعقد لم يجب الثمن فلم يملكه، ولا يحل لربِّ الدَّين أَخْذُه. وأمّا بيع الذميّ الخمرَ فصحيحٌ، لأنها مال في حقّه فيملك الثمن فيصحّ أخذه.

(وَكُرِهَ اسْتِخْدَامُ الخَصِيِّ) لأن في استخدامه حثاً على هذا الصنع الحرام. (وَ)


(١) الإنْزَاءُ: من أنزى الفحل: إذا جعله يثب على الأنثى. معجم لغة الفقهاء ص ٩٢.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٣) سورة البقرة، الآية: (٢٧٥).
(٤) سورة المائدة، الآية: (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>