للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا غَلَّةَ أرْضِهِ، وَمَجْلُوبَةٍ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ، وَتَسْعِيرُ الحاكِم، إلّا إذَا تَعَدَّى الأرْبَابُ عَنْ القِيمَةِ فَاحِشًا.

===

الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجالب مرزوقٌ والمحتكر ملعونٌ». أمّا لو لم يضرّ بهم بأن كان المِصْرُ كبيراً لا يُكره، لأنه حابسٌ لملكه من غير إضرار غيره. وقال أبو يوسف: كل ما أضرّ بالعامة فهو احتكار ولو كان ثياباً (أو دنانير) (١) أو دراهم.

ثم إذا قَصُرَت المدّة لا يكون حبس القوت احتكاراً لعدم الضرر، بخلاف ما إذا طالت لتحققه. وحدّ المدّة الطويلة أربعون يوماً لما أخرجه أحمد وابن أبي شَيْبَة والبزَّار والحاكم في «المستدرك» عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد براء من الله وبراء الله منه. وأيّما أهل عَرْصة (٢) بات فيهم امرؤٌ جائعٌ، فقد برئت منهم ذمة الله». وقيل: المدّة المضروبة للمعاقبة في الدنيا، بأن أمره القاضي ببيع (ما فضل عن قوته وقوت أهله سَنَةً، فإن لم يفعل يعزّر، ويبيع القاضي بنفسه عنهم،) (٣) هو الصحيح. وأمّا الإِثم فيحصُل وإنْ قَصُرَت.

(لا غَلَّةَ أرْضِهِ) أي لا يكره احتكار الشخص غَلْة أرضه. ينبغي أن يقيّد بما لم يزد على نفقة سنة. (وَ) لا (مَجْلُوبَةٍ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ) وهذا عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: يكره أن يحبس ما جَلَبَه من بلد آخر لإطلاق ما روينا.

(وَ) كره (تَسْعِيرُ الحاكِم) لما أخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي ـ وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ـ من حديث أنس قال: قال النَّاس: يا رسول الله، غلا السعر فسعّر لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله هو المسعّر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحدٌ منكم يطالبني بمظلمةٍ من دمٍ ولا مالٍ». ولأنّ الثمن حقّ المُلاك، فلا ينبغي للإِمام أن يتعرض (عليهم في) (٤) حقّهم.

(إلاّ إذَا تَعَدَّى الأرْبَابُ) أي أرباب السلع (عَنْ القِيمَةِ) تعدّياً (فَاحِشاً) بأن باعوا بضعف القيمة وعجز السلطان عن صيانة حقوق المسلمين إلاّ بالتَّسعير، فإنه يسعّر لما فيه من رفع الضرر (العام) ( ٤) ولكن بمشورة أهل الرأي. ثم إذا سعّر الحاكم وباع رجلٌ بأكثر ممّا سعّر به جاز عند أبي حنيفة مطلقاً، لأنه لا يرى الحَجْر على الحرّ، وفي


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) العرصة: البقعة الواسعة بين الدور لا بناء فيها. المعجم الوسيط ص ٥٩٣، مادة: (عرص).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع، حيث جاءت العبارة فيه على النحو التالى: بأن أمره القاضي ببيعه عنهم.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>