للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

المنكر، وأخذٌ على يد الظالم.

ويكره التعريض بالكذب لأنّه كذب في الظاهر إلاّ عند الضرورة كـ: أكلتُ ـ يعني أمس ـ جواباً لمن دعاه إلى الأكل لأنّه صادق في قصده.

ولا غِيْبَةَ لفاسقٍ مُعْلِنٍ ولا لغير معيّن، ولا لظالمٍ يُؤذي النّاس بقوله أو فعله، ولا يأثم السَّاعي به إلى السلطان ليزجره بل يثاب عليه، لأنه من باب النهيّ عن المنكر، والمنع عن الظلم.

والحاصل: أنّ الكلام إمّا مستحب كالأذكار، وإمّاحرامٌ كالكذب والغيبة والنميمة، وإمّا مباحٌ كضروريات الإنسان من قوله: قم واقعد ونحو ذلك. وأمّا ما لا يعنيه فتركه مستحبٌ لقوله عليه الصلاة والسلام: «إن من حسن (إسلام) (١) المرء تركه ما لا يعينه» (٢) .

واخْتُلِفَ هل يُكْتَبُ المباح: فقيل: لا أصلاً لقول ابن عباس: إن الملائكة لا تكتب إلاّ ما كان فيه أجرٌ أو وِزْرٌ. وقيل: يُكْتَبُ ذلك لظاهر قوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (٣) فقيل: يكتب ذلك عليه ثم ينسخ متى قوبل عليه باللوح المحفوظ كلَّ اثنين وخميس، فما كان فيه جزاءُ خيرٍ أو شرَ ثبت، وما لم يكن كذلك مُحِيَ لقوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أمُّ الكِتَابِ} (٤) ولقوله: {إنّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٥) . وقيل: يكتب ويُنْسخ يوم القيامة، لأنّه يوم الحساب والجزاء إمّا بالثواب أو بالعقاب. والله أعلم بالصواب.

وينبغي لحافظ القرآن أن يختمه في ثلاثة أيام أو في أسبوع أو في شهر أو في أربعين يوماً، فإنّ نسيان القرآن من الكبائر.

ويتقدّم الشاب العالم على الشيخ العابد الجاهل لقوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (٦) وقوله: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ} (٧) وقوله عليه الصلاة والسلام: «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم». رواه الترمذي عن أبي أُمَامة. وقوله: «فضل حملة القرآن على من لم


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) أخرجه الترمذي في سننه ٤/ ٤٨٣، كتاب الزهد (١٤)، باب (١١)، رقم (٢٣١٧).
(٣) سورة ق، الآية: (١٨).
(٤) سورة الرعد، الآية: (٣٩).
(٥) سورة الجاثية، الآية: (٢٩).
(٦) سورة الزمر، الآية: (٩).
(٧) سورة المجادلة، الآية: (١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>