للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ويُكره الترجيع (١) بقراءة القرآن واستماعه، لأنه تشبّه بفعل الفسقة. وقيل: لا بأس به إذا لم يُخْرِج الحرف عن حَدِّه، والمدّ عن قَدْرِ مدّه لما ورد: «زيِّنوا القرآن بأصواتكم». رواه أحمد وجماعة، وصححه الحاكم عن البراء، وزاد الحاكم في رواية عنه: «فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً». وفي رواية: «زيِّنوا أصواتكم بالقرآن» (٢) .

وكره رفع الصوت عند قراءة القرآن وعند الجنازة وحين الزَّحف على العدو وحين الوعظ، لأنّه يُذهب الهيبة والخشوع. ويَحْرُم قيام التالي للقرآن، وكذا الراوي للحديث، للدَّاخل عليه، لأن فيه نوع إهانة له بإعراضه عنه وإقباله على من ليس له عليه حقّ، إلاّ لأستاذه الذي علّمه أو لأبيه، لما لهما عليه من حقّ الإكرام وزيادة الاحترام.

والقراءة عند القبور مكروهةٌ عند أبي حنيفة، وتجوز عند محمد لقوله عليه الصلاة والسلام: «اقرؤا يس على موتاكم». رواه أبو داود.

وتَحرم الغِيبة والنميمة والكذب إلاّ للخديعة في الحرب لقوله عليه الصلاة والسلام: «الحرب خَدْعة» (٣) ، والصلح بين اثنين، ولإرضاء أهْله لأنه من باب إصلاح ذات البين. قال الله تعالى: {لَا خَيْرَ في كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إلاّ مَنْ أمَرَ بِصَدَقَةٍ أوْ مَعْرُوفٍ أوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} (٤) وورد: «ليس الكذَّاب الذي يُصْلِحُ بين النّاس، ويقول خيراً ويَنْمِي (٥) خيراً» (٦) . قال ابن شهاب: ولم أسمع يُرَخَّصُ في شيءٍ ممّا يقول الناس كذبٌ إلاّ في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، (وحديث الرجل امرأته) (٧) وحديث المرأة زوجها. رواه مسلم. ولدفع الظالم عن ظلمه لأنّه نهيٌّ عن


(١) التَّرْجيع: ترْديد القراءة. النهاية: ٢/ ٢٠٢.
(٢) أخرجه الطبراني في معجمه الكبير ١١/ ٨١ - ٨٢، رقم (١١١١٣).
(٣) صحيح البخاري تعليقًا (فتح الباري) ٦/ ١٥٧، كتاب الجهاد (٥٦)، باب الحرب خدعة (١٥٧).
(٤) سورة النساء، الآية: (١١٤).
(٥) نَمَيْتُ الحديث: بلَّغته على وجه الإصلاح وطلب الخير. النهاية (٥/ ١٢١).
(٦) صحيح البخاري (فتح الباري) ٥/ ٢٩٩ كتاب الصلح (٥٣)، باب: ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس (٢)، رقم (٢٦٩٢). وصحيح مسلم ٤/ ٢٠١١، كتاب البر والصلة والآداب (٤٥)، باب: تحريم الكذب، وبيان المباح منه (٢٧)، رقم (١٠١ - ٢٦٠٥)، واللفظ له. ولفظ البخاري: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا أو يقول خيرًا".
(٧) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، والصواب إثباته لموافقته لما في صحيح مسلم ٤/ ٢٠١١، كتاب البر والصلة والآداب (٤٥)، باب: تحريم الكذب وبيان المباح منه (٢٧)، رقم (١٠١ - ٢٦٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>