للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَخَلُّ الخَمْر وَلَوْ بِعِلاجٍ،

===

قالت: سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البِتْع ـ وهو نبيد العسل ـ فقال: «كل شراب أسكر فهو حرامٌ». وفي «سنن أبي داود» و «ابن ماجه» و «الترمذي» عن النعْمَان بن بَشَير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ من الحِنْطَة خمراً، وإن من الشعير خمراً، ومن الزبيب خمراً، ومن العسل خمراً». وفي «سنن النَّسائي وابن ماجه» من حديث عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه، عن جده أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ما أسكر كثيره فقليله حرام». وهكذا رواه الدَّارَقُطْني عن عليّ مرفوعاً.

وفي «سنن أبي داود والترمذي» عن عائشة أنها سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: كلُّ مسكرٍ حرامٌ، وما أسكر الفَرَق (١) منه فَمْلءُ الكف منه حرامٌ». وفي لفظ الترمذيّ: «الحَسْوَة (٢) منه حرامٌ». ولَمَّا ذُكِرَ لابن المبارك حديث ابن مسعود رضي الله عنه في كل مسكرٍ، وهي الشربة التي أسكرتك قال: حديثٌ باطلٌ. وفي «المبسوط»: ولأنّ المُثَلَّث بعدما اشتدّ خمرٌ، لأنّ الخمر إنما سُمِّيَ بهذا الاسم لمخامرته العقل، وذلك موجودٌ في سائر الأشربة المسكرة، وقد سمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم خمراً.

ولو سمّاه أحد من أهل اللغة خمراً لكان يستدلّ بقوله على إثبات هذا الاسم، فإذا سمّاه صاحب الشرع ـ وهو أفصح العرب ـ أولى. وأبو حنيفة وأبو يوسف أوجبا الحد بالسكر من الأشربة المذكورة في الصحيح عنهما، لما روينا عن عمر وعليّ، ولقطع مادة مَفَاسد لازمة للسُّكْر منها.

(وَ) حلَّ (خَلُّ الخَمْر وَلَوْ بِعِلَاجٍ) من إلقاء خَلَ أو ملحٍ فيها ليصير خَلاًّ، لإطلاق ما أخرجه الجماعة إلاّ البخاري من حديث جابر قال: قال رسول الله صلّى اللَّه تعالى عليه وسلّم: «نِعْمَ الإِدَام (٣) الخَلُّ» وقال مالك والشافعي: لا يحلّ تخليل الخمر ولا أكل الحاصل منه لِمَا أخرجه مسلم قال: سُئِلَ النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الخمر: أتتخذ خَلاًّ؟ قال: «لا». وأخرج أيضاً عن أنس أنّ أبا طلحة سأل النبيّ عليه الصلاة والسلام عن أيتام ورثوا خمراً. قال: «أَهْرِقْهَا». قال: أفلا نجعلها خَلاًّ؟ قال: «لا». ولأنّ الصحابة أهرقوها (٤) حين نزلت آية التحريم، ولو جاز التخليل لنبّه عليه الصلاة والسلام عليه


= صحيح مسلم ٣/ ١٥٨٧، كتاب الأشربة (٣٦)، باب بيان أن كل مسكر خمر … (٧)، رقم (٧٢ - ٢٠٠٢).
(١) الفَرَق: مِكْيَال سعته ثلاثة أصوع = ١٠.٠٨٦ ليترًا = ٩٧٨٤.٥ غرامًا عند الحنفية، و ٨.٢٤٤ ليترًا = ٦٥١٦ غرامًا عند غيرهم. معجم لغة الفقهاء ص ٣٤٤.
(٢) في المطبوع: فالجرعة، وفي المخطوط، فالحسوة. والصواب ما أثبتناه لموافقته لما في سنن الترمذي ٤/ ٢٥٩، كتاب الأشربة (٢٧)، كاب ما جاء ما أسكر كثيره فقليله حرام (٣)، رقم (١٨٦٦).
(٣) الإِدَام: ما يُسْتَمْرَأُ به الخبز. المعجم الوسيط ص ١٠، مادة: (أدم).
(٤) في المخطوط: أراقوها، والمثبت من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>