للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالانْتِبَاذُ في الدُّباءِ والحَنْتَمِ.

===

ومن أدلتنا: ما في «سنن الدَّارَقُطْنِيّ» عن فَرَج بن فُضَالة عن يحيى بن سعيد، عن عَمْرَة، عن أمّ سَلَمَة أنّها قالت: كان لنا شاة نحتلبها ففقدها (١) النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «ما فعلت شاتكم»؟ قالوا: ماتت. قال: «أفلا انتفعتم بإهابها»؟ فقلنا: إنها ميتة فقال صلى الله عليه وسلم: «إن دباغها يَحِلُّ، كما يَحِلُّ خَلُّ الخمر». إلاّ أنّه قال: تفرّد به فَرَج بن فُضَالة (عن يحيى) (٢) وهو ضعيفٌ يروي عن يحيى بن سعيد أحاديث عدة لا يُتابَع عليها. وفي «المعرفة» للبيهقي عن المُغِيرة بن زياد (٣) ، عن أبي الزُّبَيْر عن جابر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خيرُ خَلِّكم خَلُّ خَمْرِكم». ثم قال: تفرّد به المُغِيرَة عن أبي الزُّبَيْر وليس بالقوي. قال: وإن صحّ فهو محمولٌ على ما إذا تخلّل بنفسه وكذا أيضاً حديث فرج بن فُضَالة. قلت: ولا يخفى بُعْد هذا الحمل.

وفي «المبسوط»: حجتنا ما رُوِىَ أنّه عليه الصلاة والسلام قال: «أيُّما إهاب دُبِغَ فقد طَهُرَ، كالخمر تُخَلَّلُ فتَحِلّ». ولا يقال: قد روي: «كالخمر تخلّل» أي تخلّل فتحلّ»، لأنّ الروايتين كالخبرين فيُعمل بهما. ثم إذا صارت خلاًّ يطهر ما يوازيها من الإناء، وأمّا أعلاه وهو الذي انتقص منه الخمر فقيل: يطهر تبعاً. وقيل: لا يطهر لأنّه تنجس بإصابة الخمر، ولم يوجد ما يوجب طهارته فبقي نجساً. ولا تَحِلُّ هذه الأشربة الأربعة بالطبخ بعد اشتدادها، لأنه لاقىَ عيناً حراماً فلا يفيد الحلّ فيه كطبخ لحم الخنزير، وهذا لأنه ليس للنار (٤) تأثيرٌ في إثبات الحلّ ولها تأثير في ثبوت صفة الحرمة فيه.

ثم بيع غير الخمر من هذه الأشربة جائزٌ عند أبي حنيفة ومضمونة بالإتلاف، لأنها شرابٌ مختلفٌ في إباحة شربها بين العلماء، فيجوز كالمُثَلَّثِ، وهذا لأنه ليس من ضرورة حرمة التناول حرمة البيع، وقالا: لا يجوز بيعها كمالك والشافعيّ، وهو الأظهر لأنّ عينها محرّم التناول فلا يجوز بيعها كالخمر.

(وَ) حَلَّ (الانْتِبَاذُ في الدُّبَّاءِ) وهو القَرْع (والحَنْتَمِ) وهو الجَرّة الخضراء، والمَزَفَّتِ، وهو الظرف (٥) المَطْلِيّ بالزفت، وكذا النَّقِير وهو المنقور (من الخشب) (٦)


(١) في المطبوع: فقصدها، والمثبت من المخطوط، وهو الصواب لموافقته لما في سنن الدَّارَقَطْنيّ ١/ ٤٩، كتاب الطهارة، باب الدباغ، رقم (٢٨).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) حُرِّفت في المطبوع إلى المغيرة بن زيادة، والمثبت من المخطوط، وهو الصواب لموافقته "تقريب التهذيب" ص ٥٤٣.
(٤) في المطبوع: للشارب فيه، والمثبت من المخطوط.
(٥) الظرْفُ: الوعاء. المعجم الوسيط ص ٥٧٥، مادة: (ظرف).
(٦) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>