للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَحَرُمَ شُرْبُ دُرْدِيّ الخَمرِ، والامْتِشَاطُ بِهِ.

===

لما روى الجماعة من حديث بُرَيْدَةَ (أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال) (١) : «إنّي نهيتكم عن الظروف فإنّ ظرفاً لا يُحِلُّ شيئاً ولا يُحَرّمه، وكلُّ مسكرٍ حرامٌ». وفي رواية: «كنت نهيتكم عن الأشربة إلاّ في ظروف الأَدَم (٢) ، فاشربوا في كلّ وعاءٍ غير أن لا تشربوا مسكراً». وفي لفظ لمسلم: «كنت نهيتكم عن الظُّروف، والظُّروف لا تُحِلُّ شيئاً ولا تحرّمه، وكلّ مسكر حرام».

وفي «سنن أبي داود» عن بُرَيْدَة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهيتكم عن ثلاث وأنا آمركم بهنّ: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإن زيارتها تَذْكِرَة، ونهيتكم عن الأشربة أن تشربوا إلاّ في ظروف الأَدَم، فاشربوا في كلّ وعاء غير أن لا تشربوا مسكراً، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي أن تأكلوها بعد ثلاث، فكلوا واستمتعوا بها في أسفاركم».

(وَحَرُمَ شُرْبُ دُرْدِيّ (٣) الخَمرِ) لأنّ فيه أجزاء الخمر فكان حراماً ونجساً (والامْتِشَاطُ بِهِ) لأنّه انتفاع به، والانتفاع بالنجس حرامٌ. ولا يُحَدُّ شاربه بلا سكر، لأنّ وجوب الحدّ للزجر، والزاجر إنما يُشْرَعُ فيما تميل الطباع إليه، ولا تميل الطباع إلى شِرْب الدُّرْدِيّ، بل تعافه وتنفر عنه، فأشبه غير الخمر من الأشربة التي لا حدّ فيها إلاّ بالسُّكْر، ويكره الاحتقان بالخمر وإقطارها في الإحليل (٤) لأنه انتفاع بالنجس المُحَرَّم. والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) الأَدَمُ: جمع الأديم وهو الجلد. المعجم الوسيط ص ١٠، مادة: (أدم).
(٣) الدُّرْدريّ: الخميرة التي تُتْرك على العصير والنبيذ ليتخمّر، وأصله ما يَرْكد في أسفل كل مائعٍ كالأشربة والأدهان. النهاية (٢/ ١١٢).
(٤) الإحْلِيل: مخرج البول. ومخرج اللبن من الثديّ والضرع. المعجم الوسيط ص ١٩٤، مادة (حلّ).

<<  <  ج: ص:  >  >>