للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَحَلَّ بِقَطْعِ أيّ ثَلاث مِنْهَا، فَلَمْ يَجُزْ فَوْقَ العُقْدَة،

===

شيخ الإسلام خَوَاهِرْ زَادَه وهو: المريء: عرق أحمر هو مجرى النَّفس. ولِمَا في «الكشاف»: الحلقوم: مدخل الطّعام والشراب، والأول أصحّ وقد ذكره القُدُّوري في «شرح مختصر الكَرْخِيّ»، ويؤيده قوله تعالى: {فَلَوْلَا إذَا بَلَغَتِ الحُلْقُوم} (١) ولِمَا في ديوان الأدب وهو: المريء: الذي يدخل فيه الطعام والشراب، ونحوه في «المُغْرِب»، وإنّما كانت عروق الذَّبح هذه الأربعة لأنّ قطع الوَدَجَيْنِ لإنهار الدّم والحلقوم والمريء للتعجيل عليه.

(وَحَلَّ) الذَّبح (بِقَطْعِ أيّ ثَلَاثٍ مِنْهَا) عِنْدَ أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف أولاً، ثم رجع إلى أنه لا بدّ من قطع الحلقوم والمريء وأحد الوَدَجين. وعن محمد: أنّه لا بدّ من قطع أكثر كلّ واحد من الأربعة، وهو رواية عن أبي حنيفة، لأنّ كلّ فرد منها أصل بنفسه لانفصاله عن غيره، وقد ورد الأمر بقطعه، ولأبي يوسف: أنّ المقصود من قطع الوَدَجين إنهار الدّم فينوب أحدهما عن الآخر. ولأبي حنيفة: أنّ الأكثر يقام مقام الكلّ في كثير من الأحكام، ويحصل بأيّ ثلاث منها إنهار الدّم كذا ذكروه، وفيه أنّ أكثر الشيء يقوم مقام كله لا أكثر الأشياء، وبهذا يتبيّن أنّ الأظهر قول محمد.

ثم المعتمد أن الذَّبح الاختياري يتعيّن بين الحلقوم واللَّبَّة وهي المَنْحَر تحت العقدة على ما صرّح به في ذبائح «الذخيرة»: أنّ الذَّبح إذا وقع أعلى من الحلقوم لا يحلّ، وكذا في فتاوى أهل سَمَرقَنْد لأنه ذبح في غير المذبح. والأصل في ذلك قول عمر وابن عباس: الذكاة في الحلق واللَّبَّة. رواه عبد الرَّزاق في «مصنفه». وفي «سنن الدَّارَقُطْنِيّ» عن سعيد بن سلام العَطَّار: حدّثنا عبد الله بن بُدَيْل الخُزَاعي عن الزُهْرِي، عن سعيد بن المُسَيَّب، عن أبي هُرَيْرَة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بُدَيْل بن وَرْقَاء (الخُزَاعِيّ) (٢) على جملٍ أورق (٣) يصيح في فجاج منى: ألا إنّ الذكاة في الحلق واللَّبَّة. ثم قال: وسعيد بن سلاَّم يحدّث بالبواطل متروك. وقال في «التنقيح»: هذا إسناد ضعيف بالمرّة، وسعيد بن سلام أجمع الأئمة على ترك الاحتجاج به، وكذَّبه ابن نُمَيْرٍ، وقال البخاري: يذكر بوضع الحديث.

إذا عرفت هذا (فَلَمْ يَجُزْ) الذَّبح (فَوْقَ العُقْدَة) أي عقدة الحلقوم بأن يكون


(١) سورة الواقعة، الآية: (٨٣).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، والصواب إثباته لموافقته لما في سنن الدارقطني ٤/ ٢٨٣، كتاب الأشربة وغيرها، باب الصيد والذبائح والأطعمة وغير ذلك رقم (٤٥).
(٣) الأورق من الإبل: ما في لونه بياضٌ إلى سواد. المعجم الوسيط ص ١٠٢٦، مادة: (ورق).

<<  <  ج: ص:  >  >>