للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكُرِهَ النَّخْعُ وَالسَّلْخُ قَبْلَ أن تَبْرُدَ، وَكُلُّ تَعْذِيبٍ بِلا فَائِدَةٍ.

===

بخلاف غير المنزوع، فإنه يوجب الموت بالثقل مع الحدة، فتصير الذبيحة في معنى المُنْخَنِقَة. نعم، يكره الذبح بالمنزوع لِمَا فيه من زيادة الضّرر بالحيوان كما لو ذبح بشفرة كليلة. وحديث عَبَايَة (١) يُحْمَل على القائمتين توفيقاً بين الأحاديث، ولأنّ الحبشة يحدّدون أسنانهم، ولا يقلِّمون أظفارهم، ويقاتلون بالخدش والعضّ.

(وَكُرِهَ النَّخْعُ) وهو بنون ومعجمة فمهملة أن يبلغ بالسكين النُّخاع وهو بضم النون والكسر والفتح: عِرْقٌ أبيض في جوف عظم الرقبة (يمتدّ إلى الصلب) (٢) لما أخرجه الطَّبَرَانِيّ والبَيْهَقِيّ عن ابن عباس أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الذبيحة أن تُفْرَسَ قبل أن تموت، وفي غريب الحديث: الفَرْس: أن تذبح الشاة فتنخع. وقيل: معنى النَّخْع: أن يمدَّ رأسه حتى يظهر مذبحه. وقيل: أن يكسر عنقه قبل أن يسكن اضطرابه، وكل ذلك مكروهٌ لِمَا فيه من زيادة تعذيب الحيوان وقد نُهِينَا عنه.

(وَ) كره (السَّلْخُ قَبْلَ أن تَبْرُدَ وَكُلُّ تَعْذِيبٍ بِلا فَائِدَةٍ) كقطع الرأس وجرّ ما يريد ذبحه إلى المذبح. ثم الكراهة في هذه لمعنى زيادة الألم قبل الذبح أو بعده فلا يوجب التحريم، بل يوجب التّنزيه لما أخرجه الجماعة عن شدّاد بن أوْس أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبِحَة، وليحدّ أحدكم شَفْرتَهَ وليُرِحْ ذبيحته». و «على» في الحديث بمعنى اللام وعلى مقدّرة فيه أي: كتب عليكم بمعنى أوجب.

وأخرج الحاكم في «المُسْتَدْرَك» وقال: صحيحٌ على شرط الشيخين عن ابن عبّاس أنّ رجلاً أضْجعَ شاتاً يريد أن يذبحها وهو يحدّ شفرته فقال (له) (٣) النبيّ صلى الله عليه وسلم: «أتريد أن تميتها موتتين؟ هلا حَدَدْتَ شفرتك قبل أن تُضْجِعَهَا». والشفرة هي: السكين العظيم. وفي «سنن ابن ماجه» عن ابن عمر، قال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن تحدّ الشِفَار وأنْ توارى عن البهائم. وقال: «إذا ذبح أحدكم فليجهز» أي ليسرع.


(١) حُرِّفَت في المخطوط إلى عبادة، وفي المطبوع إلى هباية. والصواب ما أثبتناه.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) في المخطوط: إلى، والمثبت من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>