للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا الضَّبُعُ،

===

يشهد خيبر وأسلم قبل الفتح هو وعمرو بن العاص وعثمان بن أبي طلحة أول يومٍ من يوم صفر سنة ثمان.

وقال أبو يوسف ومحمد: لا بأس بأكل الخيل لِمَا أخرجه البخاري في غَزْوَة خيبر، ومسلم في الذبائح عن جابر بن عبد الله قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خَيْبَر عن لحوم الحُمر الأهلية، وأَذِن في لحوم الخيل وفي لفظٍ للبخاري: ورخص في لحوم الخيل. وعُورِضَ بحديث خالدٍ، وأُجيب: بأنّ حديث جابر صحيح، وحديث خالد فيه كلامٌ. ولحم الخيل مكروه تحريماً في رواية عن أبي حنيفة، فإن قوله في «الجامع الصغير»: أكره لحم الخيل، يدلّ على أنه كراهة تحريم لِمَا رُوِيَ أنّ أبا يوسف قال لأبي حنيفة: إذا قلتَ في شيء أكرهه فما رأيك فيه؟ قال: التحريم.

وفي ظاهر الرواية مكروه تنزيهاً، وبه قالا، وهو الصحيح لما قدمناه، ولما في الصحيح عن أسماء بنت أبي بكر قالت: نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرساً فأكلناه. وفي روايةٍ: أكلنا لحم فرسٍ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكره. ولقول جابر بن عبد الله: إنَّهم ذبحوا يوم خَيْبَر الحمير والبغال والخيل فنهاهم النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الحمير والبغال، ولم ينههم عن الخيل. رواه الحاكم في «المستدرك» وقال: صحيحٌ على شرط مسلم. ولم يخرجاه.

وأمّا ما احتجّ في «المبسوط» وغيره بقوله تعالى: {والخَيْلَ والبِغَالَ والحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} (١) فقال: قد منّ الله على عباده بما جعل لهم من منفعة الركوب والزينة في الخيل، ولو كان مأكولاً لكان الأولى بيان منفعة الأكل، لأنها أعظم المنافع وبه بقاء النفوس، ولا يليق بذكر الحكيم ترك أعظم وجوه المنفعة وذكر ما دون ذلك في مقام المِنَّة، ألا ترى أنّه تعالى في الأنعام ذكر الأكل بقوله: {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} (٢) . انتهى. فلا دليل فيه إذ لا يلزم من تعليل الفعل بما يقصد منه غالباً أن لا يقصد غيره أصلاً، ويدلّ عليه أن الآية مكيّة، وعامة المفسرين والمحدثين على أن الحمر الأهلية حرِّمت يوم خيبر.

(وَلَا الضَّبُعُ) وهو قول سعيد بن المُسَيَّب والثَّوْرِيّ لأنّه ذو ناب ولما في «سنن الترمذي» عن ابن جَزْء قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الضَّبُع فقال: «أَوَ يأكلُ الضَّبُعَ أحدٌ فيه خير». رواه ابن ماجه ولفظه: «ومن يأكل الضبع»؟ وحلّ عند


(١) سورة النحل، الآية: (٨).
(٢) سورة النحل، الآية: (٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>