للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا اليَرْبُوعُ، وَلا يَحَلُّ الغُرَاب الَّذِي يَأكلُ الجِيَفَ، وَلا حَيَوَانٌ مَائِيٌّ،

===

الشافعيّ وأحمد وإسحاق لِمَا في «سنن التَرمِذي وابن ماجه والنَّسائي» عن عبد الرَّحْمن بن أبي عَمّار قال: سألتُ جابراً عن الضَّبُع أصيدٌ هي؟ قال: نعم، قلت: آكلها؟ قال: نعم، قلت: أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. ورواه الحاكم في «مستدركه» عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الضَّبُع صيدٌ، فإذا أصابه المُحْرِم ففيه كبشٌ مسنٌ ويؤكل». وقال: حديثٌ صحيحٌ (١) ولم يخرّجاه. وقال مالك: يكره أكلها. والمكروه عنده: ما أثم بأكله ولا يقطع بتحريمه.

(وَلَا اليَرْبُوعُ) لأنّه من الحشرات، وفيه خلاف الشافعيّ وأحمد، ولنا: ما روى أحمد وإسحاق بن رَاهُوَيه وأبو يَعْلَى المَوْصِلِيّ عن عبد الله بن يزيد السَّعْدِيّ قال: سألت سعيد بن المُسَيَّب: أن أُناساً من قومي يأكلون الضَّبُع؟ فقال: إنّ أكلها لا يحلّ وكان عنده شيخٌ أبيضُ الرّأس واللحية، فقال ذلك الشيخ: يا عبد الله ألا أخبرك بما سمعت أبا الدَّرْدَاء يقول فيه؟ قلت: نعم. قال: سمعت أبا الدَّرْداء يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كلّ ذي خَطْفة ونَهبة ومُجَثَّمة، وكل ذي نابٍ من السِّباع. فقال سعيد: صدق. والمُجَثَّمَة بتشديد المثلثة المفتوحة: كلّ حيوان يُنْصَب ويُرْمَى ليقتل، إلاّ أنها تكثر في الطير والأرانب وأشباه ذلك. يَجْثَم الأرض يلزمها ويلزق بها، وجُثُوم الطير بمنزلة برُوك الإبل.

(وَلَا يَحِلُّ الغُرَاب الَّذِي يَأْكُلُ الجِيَفَ) لأنّه بأكلها صار كسباع الطير، وأمّا غراب الزرع فحلال كما سيأتي (وَلَا) يَحِلُّ (حَيَوَانٌ مَائِيٌّ) لقوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ} (٢) وما سوى السَّمك خبيثٌ، فقد أخرج أبو داود والنَّسائي عن عبد الرحمن ابن عثمان القُرَشي: أنّ طبيباً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضِفْدع يجعلها في الدواء فنهى عن قتلها. ورواه أحمد وإسحاق وأبو داود الطَّيَالِسِي في «مسانيدهم» والحاكم في «مستدركه» وقال: صحيحُ الإسناد. قال: المُنْذِرِيّ فيه دليلٌ على تحريم أكل الضِفْدَع، لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتله. والنهيّ عن قتل الحيوان إمّا لحرمته كالآدَميّ، وأمّا لتحريم أكله كالصُّرَد (٣) ، والضِفْدع ليس بمحترمٍ فكان النهي منصرفاً إلى أكله.


(١) في المطبوع: حسنٌ، والصواب ما أثبتناه من المخطوط، و"مستدرك الحاكم" ١/ ٤٥٣.
(٢) سورة الأعراف، الآية: (١٥٧).
(٣) الصُّرد: طائر أكبر من العصفور ضخم الرأس والمنقار يصيد صغار الحشرات، وربما صاد العصفور.
المعجم الوسيط ص ٥١٢، مادة: (صرد).

<<  <  ج: ص:  >  >>