للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُضَحِي الأَبُ أوْ الوَصِيُّ مِنْ مَالِ طِفْلٍ غَنِيٍّ، فَيَأكلُ الطِفْل مِنْهُ، وَمَا يَبقَى يبدَلُ بِمَا يُنْتَفَعُ بِعَينِهِ.

وَأَوَّلُ وَقتهَا بَعْدَ صَلاةِ العَيدِ إِنْ ذَبَحَ في مِصْرٍ،

===

وعن أبي حنيفة أنه يكره الاشتراك بعد الشراء.

واعلم أنّ الأضحية واجبةٌ عندنا على كلّ حرَ مسلمٍ، مقيمٍ، موسرٍ، فجر يوم النَّحر وتِلْوَيه، وقالا سنة في رواية، كمالك والشّافعي، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى هلال ذي الحِجة منكم وأراد أن يضحّي فليمسك عن شعره وأظفاره». رواه الجماعة إلاّ البخاري. والتعليق بالإرادة ينافي الوجوب، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثٌ هنَّ عليّ فرائض، وهي لكم تطوعٌ: الوتر، والنحر، وصلاة الأضحى». رواه أحمد في «مسنده»، والحاكم في «مستدركه» وسكت عنه.

ولنا إطلاق قوله تعالى: {وَانْحَرْ} أي الأضحية، والأمر للوجوب، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له سَعَةٌ ولم يضحِّ فلا يَقْرَبَنَّ مصلاّنا». رواه أحمد، وابن أبي شَيْبَة، والحاكم وقال: صحيحُ الإسناد ولم يخرِّجاه.

وما في «السنن الأربعة» عن ابن عَوْن عن أبي رَمْلَة: حدّثنا مِحْنَف بن سُلَيْم (١) قال: كنّا وقوفاً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفاتٍ. قال: «يا أيها النَّاس على كلِّ أهل بيتٍ في كل عام أُضْحِيَةٌ وعَتِيرةٌ (٢) ، أتدرون ما العتيرةُ؟ وهي التي يقول الناس أنها الرّجبيّة». انتهى. والعَتِيرة منسوخة، فالأضحية باقية على وجوبها، فيذبح عن نفسه شاةً، أو سُبْع بَدَنة، ولا يذبح عن طفله الفقير في ظاهر الرواية، ولا يجب عن طفله الغني من ماله في أصحّ ما يُفْتَى به كما في «شرح الوافي». قال بعض مشايخنا: على الأب أو الوصي أن يذبح من ماله عند أبي حنيفة.

وهذا معنى قوله: (وَيُضَحِّي الأَبُ أوْ الوَصِيُّ مِنْ مَالِ طِفْلٍ غَنِيَ) وفي «الهداية»: أنه الأصحّ. (فَيَأْكُلُ الطِفْل مِنْهُ وَمَا يَبْقَى يُبْدَلُ بِمَا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ) كالخفّ والثوب، لا بما ينتفع باستهلاكه كالخُبز، ونحوه.

(وَأَوَّلُ وَقْتِهَا بَعْدَ صَلَاةِ العَيدِ إِنْ ذَبَحَ في مِصْرٍ) لِمَا رواه البخاري من حديث أنس أنّه عليه الصلاة والسّلام قال: «مَنْ ذبح قبل الصلاة فليعد، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تمّ نُسُكه». وما أخرجه الشيخان عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن


(١) حُرِّفت في المطبوع إلى علف بن سُلَيْم، والمثبت من المخطوط، وهو الصواب لموافقته لما في سنن الترمذي ٤/ ٨٣ - ٨٤، كتاب الأضاحي (١٧)، باب: (١٨) رقم (١٥١٨).
(٢) العتيرة: ذبيحة كانوا يذبحونها لآلهتهم في الجاهلية. المعجم الوسيط ص ٥٨٢، مادة: (عتر).

<<  <  ج: ص:  >  >>