للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إنْ ذَبَحَ فِي غَيرِهِ. وَآخِرُهُ قُبَيلَ غُرُوبِ اليَوْمِ الثَّالِثِ.

===

أول ما نبدأ في يومنا هذا أن نصلّي ثم نرجع فَننْحَر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سُنَّتَنَا، ومن ذبح قبلُ، فإنما هو لحم قدّمه لأهله ليس من النُّسُك في شيء». وفي «سنن أبي داود»: فقام أبو بُرْدَة بن نِيَار (١) فقال: يا رسول الله، لقد نَسَكْتُ قبل أن أخرج إلى الصلاة وعرفت أنّ اليوم يومُ أكلٍ وشربٍ، فَتَعجَّلْت (فأكلتُ) وأطعمت أهلي وجيراني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تلك شاةُ لحمٍ» فقال: إن عندي عَنَاقاً (٢) جَذَعَةً (٣) ، وهي خير من شاتَيْ لحم فهل تجزاء عني؟ فقال: «اذبحها ولا تصلح (٤) لغيرك». كذا في «المواهب».

وفي الشُمُنِّي: أخرج الشيخان عن البراء بن عازب قال: ضحَّى خالي أبو بُرْدَة قبل الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تلك شاة لحم». فقال: يا رسول الله إنّ عندي جَذَعة من المَعْز، فقال: «ضحِّ بها ولا تصلح لغيرك، من ضحَّى قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تمّ نُسُكُه وأصاب سُنَّة المسلمين».

(وَبَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إنْ ذَبَحَ فِي غَيْرِهِ) أي في غير مِصْره، والمُعْتَبَر في ذلك مكان الأضحية، حتّى لو كانت في السَّواد والمضحِّي في المِصْر يجوز وقت الفجر، ولو كانت في المِصْر والمضحّي في السواد لا يجوز إلاّ بعد الصلاة، لأنها تسقط بالهلاك قبل مُضِيِّ أيام النَّحْر، كالزكاة تسقط بهلاك النِّصاب فيعتبر فيها مكانُ المحل، وهو المال لا مكان الفاعل كالزكاة، بخلاف صدقة الفطر حيث يعتبر فيها مكانُ الفاعل، لأنّها تتعلّق به في الذِّمة.

(وَآخِرُهُ قُبَيْلَ غُرُوبِ اليَوْمِ الثَّالِثِ) من أيام النحر لِمَا روى مالك في «الموطّأ» عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يقول: الأضحى يومان بعد يوم الأضحى. وقال مالك: بلغني أن عليّ بن أبي طالب كان يقول مِثْل ذلك.

فإن لم يصلِّ الإمام ذبح هو والناس بعد الزَّوال، وعند الشَّافعيّ: إذا مضى من الوقت مقدار ما يصلِّي فيه صلاة العيد عادة، جازت الأضحية بعد ذلك، لأنهم لو صلّوا جازت


(١) حُرِّفت في المطبوع إلى أبي بريدة بن تيار، وفي المخطوط إلى أبي بردة بن دينار. والصواب ما أثبتناه لموافقته لما في سنن أبي داود ٣/ ٢٣٤، كتاب الضحايا (١٠)، باب: ما يجوز من السِّنِّ في الضحايا (٥، ٤)، رقم (٢٨٠٠)، وما بين الحاصرتين منه.
(٢) العَنَاقُ: الأنثى من أولاد المعز والغنم من حين الولادة إلى تمام الحول. المعجم الوسيط ص ٦٣٢، مادة: (عنق).
(٣) الجَذَعة: من الغنم ما كان عمره أكثر من ستة أشهر. معجم لغة الفقهاء ص ١٦١.
(٤) لفظ المطبوع والخطوط: ولم يصلح. وما أثبتناه لفظ البخاري. حديث رقم (٥٥٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>