للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ غَلِطَ اثْنَانِ وَذَبَحَ كَلٌّ شَاةَ صَاحِبِهِ، صَحَّ بِلا غُرْمٍ. وَصَحَّ التَّضْحِيَةُ بِشَاةٍ الغَصْبِ، لا الوَدِيعَةِ وضَمِنَهُمَا.

===

باع جلد أضحية فلا أضحية له». وكذا رواه البيهقيّ في «سننه» فيفيد كراهة البيع، لأنه جائز لقيام الملك والقدرة على التَّسليم.

(وَلَوْ غَلِطَ اثْنَانِ وَذَبَحَ كَلٌّ) منهما (شَاةَ صَاحِبِهِ صَحَّ) عنهما (بِلَا غُرْمٍ) عليهما خلافاً لزُفَر، وهو القياس، لأنّه ذبح شاة غيره بغير أمره، ويضمن كلّ منهما شاة الآخر عنده. ووجه الاستحسان: أنها تعيّنت للأضحية، والإذن حاصلٌ دلالة، لجِري العادة بالاستعانة بالغير في أمر الذبح، وإذا صحّ الذبح عنهما يأخذ كلٌّ منهما أضحيته، إن كانت باقيةً، ولا يضمن الآخر لأنّه بمنزلة وكيله ويحلّل كل منهما صاحبه (إن كان كلّ منهما أكل ما ذبحه، لأنّ صاحبها لو أطعمه الكلَّ جاز، وإن كان غنياً فكذا إذا حلّله منه) (١) وإن تشاحّا كان لكل منهما أن يُضمِّن صاحبه قيمة لحمه، ثم يتصدّق بتلك القيمة لأنها بدلٌ عن لحم الأضحية، فصار كما لو باع (أضحيته فإنه يجب عليه أن يتصدّق بالثمن، وهذا لأن التضحية لمّا وقعت عن المالك كان) (٢) اللحم له.

(وَصَحَّ التَّضْحِيَةُ بِشَاةِ الغَصْبِ) وضَمِن قيمتها، ولم يصحّ عند زفر، وهو قول الأئمة الثلاثة لأنه حين ضحّى بها لم يكن مالكها. ولنا: أنه ملكها عند أداء الضمان مستنداً إلى الغصب السابق فكانت التَّضحية واردةً على ملكه (لَا الوَدِيعَةِ) أي لا تصحّ التضحية بشاة الوديعة لأنها لا تصير ملكه إلاّ بعد الذبح، فكانت التضحية في غير ملكه.

(وضَمِنَهُمَا) أي شاة الغصب والوديعة لحصول التعدّي منه بالذبح، وضمانهما بالقيمة. وكُره الانتفاع بلبن الأضحية وجزُّ صوفها قبل الذبح، لأنّه أعد للقربة بجميع أجزائها، فلا ينبغي أن يَصْرِف شيئاً منها إلى حاجة نفسه، لأنّه في معنى الرُّجوع عن الصدقة بخلاف ما بَعْد الذبح، لأنّ القُرْبة أقيمت بالذبح، والانتفاع بعد إقامة القربة مطلقاً كالأكل. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>