للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإلَّا أَمَرَ غَيرَهُ، وَكُرِهَ ذَبْحُ كتَابِيٍّ. وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا أَوْ يَعْمَلُهُ آلَةً مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ بَاقِيًا، فَإِنْ بِيعَ بِغَيرِ ذَلِكَ يَتَصَدّق بِثَمَنِهِ.

===

التي تَقْبَل النيابة أن يتولاّها صاحبها بنفسه. وقد نحر النبيّ عليه الصلاة والسّلام ثلاثاً وستين بَدَنة بيده الشريفة في حجة الوداع عدد سنيّ عمره الكريم.

(وَإِلاَّ) أي وإن لم يحسن بيده (أَمَرَ غَيْرَهُ) بذبحها. وينبغي أن يشهَدَها بنفسه لِمَا روى الحاكم في «مستدركه»، والبيهقيّ في «سننه»، والطَّبَرانيّ في «معجمه»، عن عِمْرَان بن حُصَيْن أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: «قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه يُغْفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه، وقولي: إنّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مَنْ المُسْلِمِينَ». قال عِمْرَان: قلت: يا رسول الله، هذا لك ولأهل بيتك خاصّة أم للمسلمين عامة؟ فقال: بل للمسلمين عامة». وفي «المُسْتَدْرَك» عن أبي سعيد الخُدْرِيّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لفاطمة) (١) : «قومي إلى أُضْحِيَتِك فأشهديها، فإن لكِ بأول قطرة تَقْطُر من دمها أن يُغْفَر لكِ كلُّ ما سلف من ذنوبك». فقالت فاطمة: يا رسول الله هذا لنا أهل البيت خاصة أو لنا وللمسلمين عامة؟ قال: «لا بل لنا وللمسلمين».

(وَكُرِهَ ذَبْحُ كِتَابِيَ) الأضحية لأنّ ذبحها قربة والكتابيّ ليس من أهلها، لكن لو أَمره صاحبها فذبحها جاز، لأنه من أهل الذكاة. (وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا) لأنّه جزءٌ منها (أَوْ يَعْمَلُهُ آلَةً) يستعمل في البيت كالنِّطْع (٢) والجِرَاب (٣) والغِرْبال، لأن الانتفاع بها غير مُحَرَّم، ولأنّه يجوز الانتفاع باللحم، فكذا بالجلد أو بِبَدَله. (مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ بَاقِياً) لأنّ للبدل حكمَ المُبْدَلِ.

قيّد بقوله: باقياً لأنّه لا يبدل بما ينتفع به مُسْتَهْلَكاً، كالخلِّ والملح والأبازير (٤) اعتباراً بالبيع بالدَّراهم. والمعنى فيه أنه يُصْرَف على قصد التموّل (فَإِنْ بِيعَ) الجلد (بِغَيْرِ ذَلِكَ) أي غير ما ينتفع به باقياً (يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ) لأنّ القربة انتقلت إلى بدلها، واللَّحم بمنزلة الجلد في الصحيح. وأمّا ما رواه الحاكم ـ وقال: صحيحُ الإسناد ولم يخرّجاه ـ في تفسير سورة الحج عن الأَعرج، عن أبي هُرَيْرَةَ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) النِّطْعُ: بساط من الجلد. المعجم الوسيط ص ٩٣٠، مادة: (نطع).
(٣) الجِرَاب: وعاءٌ يحفظ فيه الزّاد ونحوه. المعجم الوسيط ص ١١٤، مادة: (جرب).
(٤) الأبازير: جمع البَزْر وهو كُل حبّ يُبْذر للنَّبات. القاموس المحيط ص ٤٤٥، مادة: (بزر).

<<  <  ج: ص:  >  >>