للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَأكلُ مِنْهَا. وَيُؤْكِلُ وَيَهَبُ مَنْ يَشَاءُ. وَنُدِبَ التَّصَدُّقُ بِثُلُثِهَا، وَتَرْكُهُ لِذِي عِيَالٍ تَوْسِعَةً عَلَيهِمْ.

وَالذَّبْحُ بِيَدِهِ إنْ أحْسَنَ

===

لا يصحّ عن أحدٍ، لأنّ الكافر ليس من أهل القُربة، وقَصْدُ اللحم ينافيها. وإذا لم يقع البعض قربة لم يقع الكلّ، إذ الإراقة لا تجزي في حقّ القربة.

(وَيَأْكُلُ) المضحّي (مِنْهَا) أي من أضحيته (وَيُؤْكِلُ) أي يطعم الأغنياء والفقراء (وَيَهَبُ مَنْ يَشَاءُ) لما روى مسلم عن أبي سعيد الخُدْرِيّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أهل المدينة لا تأكلوا لحمَ الأضاحي فوق ثلاث». فشَكَوْا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ لهم عيالاً وحَشَماً وخَدَماً فقال: «كلوا وأطعموا واحْبِسُوا وادَّخروا». وروى البخاري عن سَلَمة بن الأكْوَع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ضحّى منكم فلا يُصْبِحَنَّ (١) بعد ثالثةٍ وفي بيته منه شيء». فلمّا كان العام المقبل قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا عام الماضي؟ قال: «كلوا وأطعموا وادّخروا، فإنّ ذلك العام كان بالناس جهد فأردت أن تُعينوا فيها».

ولأنّه لَمّا جاز أكل المضحِّي منها وهو غني، جاز أن يُؤْكِلَ الغنيّ.

(وَنُدِبَ التَّصَدُّقُ بِثُلُثِهَا) لأنّ الجهات ثلاثة: الأكل والادخار والإطعام، لما ذكرنا من الأحاديث، فانقسمت الأضحية عليها أثلاثاً، والإطعام: التصدّق لِما في رواية «تصدّقوا» (٢) بدل: «أطعموا» ولقوله تعالى: {وأَطْعِمُوا القَانِعَ والمُعْترَّ} (٣) والقانع: السائل، يقال: قَنَعَ قُنوعاً كمنع: إذا سأل وخضع، وقَنِع قناعة كفرح: إذا رضي بما عنده وبما يُعْطَى من غير سؤال. والمعترّ المعترض بغير السؤال، أو المراد بالقانع: الرَّاضي، وبالمعترّ: المعترض بالسؤال، وهو الأظهر.

(وَ) نُدِبَ (تَرْكُهُ) التصدّق (لِذِي) أي لصاحب (عِيَالٍ تَوْسِعَةً عَلَيْهِمْ) هذا كلّه في الأضحية السنة والواجبة بغير النذر، وأمّا الواجبة بالنذر فليس لصاحبها أن يأكل شيئاً منها، ولا أن يُطْعِم الأغنياء، سواء كان الناذر غنياً أو فقيراً، لأنّ سبيلها التصدّق، وليس للمتصدّق أن يأكل من صدقته ولا أن يُطعم منها غنياً.

(وَ) ندب للمضحِّي (الذَّبْحُ بِيَدِهِ إنْ أحْسَنَ) الذبح لأنه قربة، والأَولى في القُربةِ


(١) حُرِّفَت في المخطوط إلى يُضَحِّي، والمثبت من المطبوع وهو الصواب لموافقته لما في صحيح البخاري (فتح الباري) ١٠/ ٢٤، كتاب الأضاحي (٧٣)، باب: ما يؤكل من لحوم الأضاحى، وما يتزَوَّدُ منها (١٦)، رقم (٥٥٦٩).
(٢) ترتيب مسند الإمام الشافعي ١/ ١٦٢، رقم (٤٧٣).
(٣) سورة الحج، الآية: (٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>