للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَجَرْحِهِمَا، وَإِرْسَالِ مسلِمٍ أوْ كتَابِيّ مُسَمِّيًا، عَلَى مُمْتَنِعٍ

===

(وَ) بشرط (جَرْحِهِمَا) في أي موضعٍ كان لتحقّق الذكاة الاضطرارية ولتوافق أصل المعنى اللغوي من الجراحة في الجوارح، وإن كان نُقِل الجَرْح إلى معنى الكَسْب، ومنه قوله تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} (١) . وعن أبي حنيفة وأبي يوسف: أنه لا يشترط، وهو قول الشَّعْبي لإطلاق قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (٢) من غير قيدٍ بالجرح. وقيل: هذا رجوع منهما إلى تأويل الجوارح بالكواسب، كما قال الله تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} أي كسبتم.

ولنا: أنَّ لها تأويلًا آخر وهو أن يكون جارحًا بنابه أو بِمخْلَبِهِ ويمكن حمله عليها، فيشترط أن يكون من الكواسب التي تجرح لتعمل بالجرح بيقين. والأصل عند أهل التأويل أنَّ اللفظ إذا كان له تأويلات مختلفة وأمكن الجمع بينها يقال بجميعها كما في قوله تعالى:

{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا} (٣) قيل في تفسيره: مسلمًا، وقيل: مخلصًا، وقيل: حاجًّا (٤) ، فنقول بجميعها بخلاف المشترك.

ووجه الظاهر أيضًا أن المقصود إخراج الدّم المسفوح، وهو بالجرح عادة، وأقيم الجرح مقامه كما في الذكاة الاختيارية والرمي بالسهم، ولأنَّه لو لم يجرحه صار مَوْقُوذة (٥) وهي محرّمة بالنّص.

(وَ) بشرط (إِرْسَالِ مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيّ) لأنّ ذا الناب والمِخْلَب بمنزلة آلة الذبح، ولا يحصل بمجرد الآلة بل باستعمالها، وذلك فيهما بالإرسال. والكتابي أهلٌ للذكاة الاختيارية، فيكون أهلًا للاضطرارية بخلاف المجوسيّ والوثنيّ والمرتدّ.

(مُسَمِّيًا) أي حال كون المسلم أو الكتابيّ مسمّيًا عند الإرسال، فمتروك

التَّسمية عامدًا لا يحلّ، وناسيًا يحلّ لما بيناه في الذبائح لقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} (٦) ، ولقوله عليه الصلاة والسلام لِعَدِيّ بن حاتم: "إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه، فإن أمسك فأدركته حيًا فاذبحه، وإن أدركتَه قد قُتِلَ ولم يأكل منه فكله، فإنَّ أخذَ الكلب ذكاة". رواه أحمد والشيخان.

(عَلَى مُمْتَنِعٍ). متعلّق پارسال. واحترز به عن الإرسال على غير الممتنع بقوائمه أو


(١) سورة الأنعام، الآية: (٦٠).
(٢) سورة المائدة، الآية: (٤).
(٣) سورة النحل، الآية: (١٢٠).
(٤) في المطبوع خارجًا، والمثبت من المخطوط.
(٥) سبق شرحها ص (٥٤)، التعليقة رقم: (٢).
(٦) سورة المائدة، الآية: (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>