للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُتَوَحِّشٍ يُؤْكَلُ، وَأن لا يُشَارِكَ المُعَلَّم مَا لا يَحِلّ صَيدُهُ، وَلا تَطُولَ وَقْفَتُهُ بَعْدَ الإِرْسَالِ.

وَيُعْلَمُ المُعَلَّمُ: بِتَرْكِ أكلِ الكَلْبِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَرُجُوعِ البَازِي بِدُعَائِهِ،

===

بجناحيه، فلو أخذ الكلب ونحوه صيدًا قد قيّد في شبك، أو سقط في بئرٍ، أو أثخنه آخَرُ لم يحِلَّ بمجرد جرحه إيّاه، لأنَّه خرج بهذه العوارض عن الامتناع. (مُتَوَحِّشٍ) احترز به عن المُسْتَأْنس (يُؤْكَلُ) لأنَّ الكلام فيما يحلّ أكله بالصيد، فلا بدّ أن يكون ممَّا يؤكل.

(وَ) بشرط أن لَا يُشَارِكَ المُعَلَّمَ مَا لَا يَحِلّ صَيْدُهُ) وهو كلب غير معلَّم، أو کلبُ مجوسيّ، أو كلبٌ لم يُرْسل للصيد، أو كلبُ أرسل وتَرَكَ التسمية عليه عمدًا لما أخرجه أصحاب الكتب الستة عن عديّ بن حاتم، قال: قلت: يا رسول الله: إني أُرسل كلبي فأجدُ معه كلبًا آخر لا أدري أيهما أخذه؟ فقال: "لا تأكل فإنّما سمّيت على كلبك، ولم تسمّ على كلبٍ آخر". وفي لفظ: "إذا أرسلت كلبك فسمّيت فأخذ فقتلَ فكُلْ، وإن أكل منه فلا تأكل، فإنما أمسك على نَفْسِهِ". وفي لفظٍ: قلت: يا رسول الله إني أرسل الكلاب المعلّمة فيُمْسِكْنَ عليَّ وأَذْكر اسم الله، فقال: "إذا أرسلت كلبك المعلّم وذكرت اسم الله فكُلْ ما أمسك عليك". قلت: وإن قتلْنَ؟ قال: [إن قتلن] (١) ما لم يشركه كلبٌ ليس معه". وفي رواية لأحمد والشيخين: "إذا أرسلت کلبك، فاذكر اسم الله عليه، فإن وجدت مع كلبك كلبًا غيره وقد قتل، فلا تأكل، فإنَّك لا تدري أيهما قتله». ولأنَّه اجتمع الإباحة والحرمة فغلبت الحرمة.

(وَ) بشرط أن (لَا تَطُولَ وَقْفَتُهُ) أي توقف ما أرسل (بَعْدَ الإِرْسَالِ) لأنه إذا طال وقوفه بعد الإِرسال لم يكن اصطياده مضافاً إلى الإرسال.

(وُيُعْلَمُ) أي يُعْرَفُ (المُعَلَّمُ) بالصيد في نحو الكلب والبازي (٢) (بِتَرْكِ أَكْلِ الكَلْبِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَرُجُوعِ البَازِي بِدُعَائِهِ) عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله، لأن علامة التعلّم ترك ما هو مألوف عادةً، والبازي متوحّشٌ متنفّرٌ، فكانت الإجابة علامة تعلُّمه، ولو بمرّة، والكلب ألوفٌ لا يترك الأكل عادةً، فكان علامةُ تعلّمه تَرْكَ أكله.

وإنّما قُدّر بثلاث مراتٍ، لأنه ربّما يترك الأكل لشِبَعه، فقدّر له مدّة ضربت للاختبار كما في مدّة الخيار. وعند أبي حنيفة رحمه الله: لا يثبت التعلّم إلاّ بأن يَغْلُب على الظن أنّه تعلّم، ولا يقدّر بشيء، لأنّ المقادير تُعْرَفُ بالنص لا بالاجتهاد، ولا نصّ فيفوّض إلى رأى المُبْتَلى به، ورواية الحسن عنه كقولهما.


(١) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط، وهي صحيحة لموافقتها لما في صحيح مسلم ٣/ ١٥٢٩، كتاب الصيد والذبائح (٣٤)، باب الصيد بالكلاب المعلّمة (١)، رقم (١ - ١٩٢٩).
(٢) سبق شرحها ص (٦٦)، التعليقة رقم: (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>