للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا يُؤْخَذُ مِنْ آخِذِهِ، وَنَسَبُهُ مِنْ مُدّعِيهِ وَلَوْ رَجُلَيِنْ، أَوْ مِمَّنْ يَصفُ مِنْهُمَا عَلامَتَهُ، أَوْ عَبْدًا وَكَانَ حُرًّا، أوْ ذِمّيًا وَكَانَ مُسْلِمًا، إنْ لَمْ يَكُنْ في مَقَرِّهِم

===

يكون باطنُه بخلاف ظاهره. وأول من تكلم به الزَّبَاءُ الملكة حين رأت الصناديق فيها الرِّجال، وقد أُخبرت أن فيها الأموال، فلمّا أحست بذلك أنشأت شعراً هذه آخِرُه، فصار كلامها مثلاً. وكأن عمر ظنَّ أنّ هذا الرّجل جاء إليه بولده يزعم أنّه لقيطٌ ليستوفي منه نفقته، فلذا ذَكَر هذا المَثَل.

(وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ آخِذِهِ) إلاّ بإذْنِهِ لسَبْقِه. ولو دفعه إلى غيره ليس له أن يستردّه منه، لأنه رضي بإسقاط حقّه. (وَ) يثبت (نَسَبُهُ) استحساناً (مِنْ مُدّعِيهِ وَلَوْ) كان مدعيه (رَجُلَيْنِ) ليس أحدهما المُلْتَقِط ولا سبقت دعوته. (أَوْ مِمَّنْ يَصفُ مِنْهُمَا عَلَامَتَهُ) لأنّ الظاهر شاهدٌ له. وإنّما ثبت نَسَبُه من اثنين لاستوائهما في دعوى ما فيه نفعٌ له. وعندنا: يثبت النسب من اثنين في باب الاستيلاد (١) إذا استويا في الحُجَّة. وأمّا لو كان أحدهما المُلْتَقِط أو سبقت دعوته لكان أولى، لترجّح المُلْتَقِط باليد، وسابق الدّعوى بثبوت حقّه في زمانٍ لا منازع له فيه إلاّ إذا أقام الآخر البيِّنة، لأنها أقوى.

وقال الشّافعيّ وأحمد: يعتبر قول القَافَة (٢) إذا ادَّعاه اثنان ولم يبيّنا، سواء وصف أحدهما علامةً أو لم يصف، أو بيّنا وتعارضا، وإذا اشتبه على القَافَةِ (يقرع ولو ألحقته القافة) (٣) بهما عند أحمد. ولو ادّعاه امرأتان يثبت منهما عند أبي حنيفة كالرجلين، وعندهما: لا يثبت، لأن ثبوت النَّسب من المرأة متعلّق بحقيقة الولادة، وولادته عنهما محال. (أَوْ) كان مدعيه (عَبْداً) لأنّ في ثبوت نسبه له نفعاً (وَكَانَ حُرّاً) لأنّ المملوك قد تلد له الحرَّةُ ولداً، فيكون تبعاً لأُمه (أوْ) كان مدعيه (ذِمّياً وَكَانَ مُسْلِماً إنْ لَمْ يَكُنْ في مَقَرِّهِمْ) أي مقّر أهل الذِّمة بإن وُجِدَ في قرية من قرى المسلمين، أو في مسجدٍ. أمّا إذا وُجِدَ في مقرّهم، بأن وجد في قرية من قراهم، أو في بِيعةٍ (٤) أو كنيسةٍ كان ذمياً.

وفي «المبسوط»: ولو وجده مسلم في مكان المسلمين ولم يدَّعه أحد، يُحكم بإسلامه، وبه قال مالك وأحمد والشَّافعيّ. ولو وجده كافرٌ في مكان (أهل الكفر يحكم بكفره حتى لا يصلّى عليه إذا مات. ولو وجده كافر في مكان) (٥) المسلمين


(١) الاستيلاد: وطء الأمة المملوكة ابتغاء الولد منها. معجم لغة الفقهاء ص ٦٧.
(٢) القَافَةُ: جمع القائف: وهو من يُحْسن معرفة الأثر وتتبُّعه. المعجم الوسيط ص ٧٦٦، مادة: (قاف).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٤) البِيعةُ: مَعْبد النصارى. المعجم الوسيط ص ٧٩. مادة: (باع).
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>