وَلِلْمُلْتَقِطِ قَبْضُ هِبَتِهِ وَتَسْلِيمُهُ في حِرْفَةٍ، لا إِنْكَاحُهُ، ولا تَصرُفُ مَالِهِ وَلا إِجَارَتُهُ.
===
أو مسلم في مكان الكفَّار ففي كتاب اللقيط: العبرة للمكان في الفصلين لسَبْقهِ، ولأنّ المسلم لا يضع ولدَه في البِيعة، والكافر لا يضع ولده في المسجد. وفي رواية ابن سَمَاعَة عن محمد: العبرة للواجد لقوة اليد. وفي رواية: الاعتبار للإسلام نظراً للصغير أو للزِّيّ كما في اختلاط موتانا بموتاهم في الحرب. وفي «المبسوط»: إنّ أسْلَمَ الروايات اعتبارُ الإسلام، لأنّه يَعْلُو ولا يُعْلَى.
(وَمَا شُدَّ) أي رُبط من المال (عَلَيْهِ) أي على اللّقيط أو على دابة هو عليها (لَهُ) أي للَّقيط اعتباراً للظاهر في دفع دعوى الغير ولليد في الملك، وأصله القميص الذي عليه. (صُرِفَ إِلَيْهِ) أي إلى مصالح اللقيط بأمر القاضي، لأنه مالٌ ضائعٌ، وللقاضي ولاية صرف مثله إليه. وقيل: بغير إذن القاضي، لأنّه للَّقيط ظاهراً، فاندفعت يد الغير عنه فبقي المال ضائعاً، فيُصْرَفُ في مصالحه على أنّه له أو لبيت المال، أو لأنّه للقيط ظاهراً. وله ولاية الإنفاق وشراء ما لا بدّ له كالطعام والكِسوة، ولأن الظاهر أن واضعه إنّما وضع ذلك المال معه ليُنْفِق عليه منه. والبناء على الظاهر جائزٌ ما لم يظهر خلافه، وهو مصدَّق في نفقة مثله عليه، لأنّه أمينٌ يُخْبرُ عمّا هو محتمل. ويكون وجوب الضمان عليه فيقبل قوله فيه، كمن دفع مالاً إلى إنسان وأمره أن يُنْفِقَ على عياله، فإنه يقبل قوله في نفقة مِثْلهم.
(وَلِلْمُلْتَقِطِ قَبْضُ هِبَتِهِ) وصدقته لأنه نفعٌ محضٌ له (وَتَسْلِيمُهُ في حِرْفَةٍ) أي صناعة، لأنّه من باب تأديبه، لأنّ من اشتغل بعمل قَلَّما يشتغل بالفساد (لَا إِنْكَاحُهُ) أي ليس للملتقط إنكاح اللقيط ذكراً كان أو أنثى، لانعدام سبب الولاية من القرابة والملك والسلطنة. (ولا تَصَرُّفُ مَالِهِ) لما قدمناه (وَلَا إِجَارَتُهُ) في الأصحّ. ويصحّ صلح الإمام عن دمه بالدِّيَة، لأنّه نفعٌ للمسلمين لا عفوه، لأنه إبطال حقِّ مسلمٍ.
ويمنعه أبو يوسف من استيفاء القصاص لأنه استيفاء لوليه وهو مجهولٌ، وأجازا له استيفاءَه لقوله عليه الصلاة والسلام:«السلطان ولي من لا ولي له»(١) . والمولى إذا كان مجهولاً لا يكون ولياً، لأنّه لا ينتفع به مع جهالته فالتحق وجوده بعدمه.
(١) أخرجه أبو داود في سننه ٢/ ٥٦٨، كتاب النكاح (١٢)، باب في الولي (١٨، ١٩)، رقم (٢٠٨٣).