للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعُرِّفَتْ في مَكَانٍ وُجِدَتْ، وَفي المَجَامِعِ مُدَّةً لا تُطْلَبُ بَعْدَهَا.

وَمَا لا يبقَى إلَى أَنْ يُخَافَ فَسَادُهُ،

===

واجب عندهم، بل مستحب.

وحاصله أَنَّ الإشهاد شرطُ الأمانة عند أبي حنيفة ومحمد، ويَكتَفِي أبو يوسف ليكون أمانة، بقصد ردّها إلى مالكها، كمالك والشافعي، وهو رواية عن محمد. والقول قوله في ذلك بيمينه. ولهما: أنّه أقر بسبب الضَّمان، وهو أخذ مال الغير بغير إذنه وادّعى ما يبرئه، وهو الأَخْذ لمالكه، فلا يصدّق، كمن أخذ مال الغير وهلك في يده ثم ادّعى أن صاحبه أودعه إيّاه حيث لا يصدّق إلاّ بحجّة.

وفي «الخَانِية»: وهذا الاختلاف فيها إذا أمكنه الإشهاد، وأمّا إذا لم يمكنه عند الرفع، أو خاف أنّه لو أشهد يأخذها منه ظالمٌ فتركَ الإشهاد فلا يضمن بالاتفاق، لأن ترك الإشهاد (لا) (١) يدل على أنه أخذها لنفسه إلاّ عند القدرة على الإشهاد. وقيّد بجحود المالك، لأنه لو صدّقه لا يضمن بالاتفاق، لأن تصديقه حجّة عليه كالبينة.

ولو أشهد عند الأخذ وعرَّفها ثم ردّها (إلى موضعها) (٢) لا يضمن بالاتفاق كذا قاله الشارح. والصواب أنه في ظاهر الرواية. وتوضيحه أنه إذا أعاد اللُّقَطَةَ إلى موضعها الذي وجدها فيه بعدما أخذها ليعرّفها براء من ضمانها. ولو هلكت أو استهلكها رجلٌ قبل أن يصل إليها صاحبها، لأنّ أخذها لم يكن سبباً لوجوب الضمان عليه، وكذلك ردّها إلى مكانها إذ قد يأخذها لِيُعَرِّف صفتها حتّى إذا سمع إنساناً يطلبها دلّه عليها، وقد يأخذها ليردّها إلى مالكها ثم يُحسّ في نفسه عجزاً أو طمعاً فيردّها إلى مكانها، فلهذا لا يضمن شيئاً، وإنما الضمان على مستهلكها.

وفي «مختصر الحاكم»: إن ردّها بعدما حوّلها يضمن، لأنّه بالتحويل التزم حفظها، وبالردّ صار مضيّعاً لها ولا كذلك قبل التحويل. بخلاف ما إذا لم يُشْهِد حيث لا يبرأ من الضمان اتفاقاً، لأن الظاهر أنه أخذها لنفسه فلا يبرأ بغير الردّ على صاحبها.

(وَعُرِّفَتْ) ما يبقى ـ على سبيل الوجوب ـ (في مَكَانٍ وُجِدَتْ) بأن نادى إني وجدت لُقَطَة لا أدري مالكها، فليأت مالكها أو لِيَصِفَهَا لأَرُدَّهَا عَلَيه (وَ) عُرِّفَ أيضاً (في المَجَامِعِ) (٣) لأن ذلك أقرب إلى الوصول إلى صاحبها (مُدَّةً لا تُطْلَبُ بَعْدَهَا) وهو يختلف باختلاف اللُّقَطَة في قيمتها. (وَ) عُرِّفَ (مَا لَا يَبْقَى إلَى أَنْ يُخَافَ فَسَادُهُ


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) في المخطوط: الجامع، والمثبت من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>