للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ تُصُدِّقَ.

===

ثُمَّ تُصُدِّق) لأنّ في التَّصَدّق بها عِوضاً آجِلاً وهو الثواب في العقبى، أو عاجلاً وهو الضمان في الدنيا. وروى محمد عن أبي حنيفة: إن كانت أقلّ من عشرة دراهمٍ عرّفها أياماً على حسب ما يرى، وإن كانت عشرة فصاعداً (١) عرّفها حولاً. وروى الحسن عن أبي حنيفة أن يُعَرِّفَ مئتين فما فوقها حولاً اعتباراً بالزكاة، ويعرِّف العشرة فما فوقها شهراً، وما دونها إلى ثلاثة دراهم أياماً عشرة أو شهراً، ويُعَرِّفَ الثلاثة إلى الدرهم جمعة أو ثلاثة، والدرهم يوماً، والفَلْس بالنظر يَمْنَةً ويَسْرَةً.

وقدّر محمد في «الأصل» مدّة التعريف بالحول من غير تفصيل بين الكثير والقليل، وهو قول مالك والشّافعيّ وأحمد، لِمَا روى الشيخان عن زيد بن خالد الجُهَنِيّ قال: سأل رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللُّقَطَةِ فقال: «عَرِّفْهَا سنةً، ثم اعرف عِفَاصها ووكَاءَها، (فإن جاء أحدٌ يخبرك بها، وإلاّ فَاسْتَنْفِقْهَا) (٢) (فإن جاء صاحبها فأدِّها إليه») (٣) .

والعِفَاص: الوعاء الذي يكون فيه النفقة من جلدٍ أو خِرقة ونحوها. والوِكَاء: الذي يُشَدُّ به الكيس وغيره. والصحيح أن شيئاً من هذه التقادير ليس بلازمٍ، وإن تفويض التقدير إلى رأي الآخِذِ، لإطلاق حديث مسلم عن أُبَيّ بن كعبٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في اللقطة: «عرِّفها، فإن جاء أحد يخبرك بعددها (٤) ووعائها وَوِكَائِها فأعطها إيّاه، وإلاّ فاستمتع بها». وفي رواية: «وإلاّ فهي كسبيل مالك». وأخرجه عن زيد بن خالد أيضاً. وفيه: «فإن جاء صاحبُها فَعَرَف عِفَاصَها وعددَها ووكاءها فأعطها إياه، وإلاّ فهي لك».

ولأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قد زاد على السَّنَةِ ونقص منها. أمّا الزيادة فلِمَا في «الصحيحين» من حديث أبيّ بن كعب: أنه وجد صُرَّةً فيها مئة دينارٍ، فأتى بها النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال له: «عرِّفها حولاً»، فعرَّفها فلم يجد من يعرِفها ثم أتاه. فقال له: «عرِّفها حولاً». فعرَّفها فلم يجد من يعرفها. فقال له: «احفظ (٥) وعاءها وعددها». الحديث.

وأمّا النُّقْصان فلما في «مصنف عبد الرَّزاق» وغيره عن أبي سعيد الخُدْرِيّ: أنّ


(١) عبارة المطبوع: وإن كانت عشرة أو أكثر، والمثبت عبارة المخطوط.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، والصواب إثباته لموافقته ما في صحيح البخاري، (فتح الباري) ٥/ ٨٠، كتاب اللقطة (٤٥)، باب: ضالة الإبل (٢)، رقم (٢٤٢٧). ولفظ مسلم: "ثم اسْتَنْفِقْ بها".
(٣) ما بين الحاصرتين لفظ مسلم.
(٤) في المطبوع: بقدرها، والمثبت من المخطوط.
(٥) في المخطوط: أعرفه، والمثبت من المطبوع وهو الصواب لموافقته ما في صحيح مسلم ٣/ ١٣٥٠، كتاب اللقطة (٣١)، رقم (٩ - ١٧٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>