للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ أَقَلَّ مِنْهَا بِقِسْطِهِ، فَإِنْ أَبَقَ لَمْ يَضْمَنْ، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَلا شيء لَهُ وَضَمِنَ إنْ أَبَقَ مِنْهُ.

===

وقلما يرغب الناس في التزام ذلك حِسْبَةً، ففي إيجاب الجُعْل له ترغيبٌ له في ردّه وإظهارٌ للشكر من المردود إليه لإحسان الردّ.

ثم إنّ الشافعي استحسن برأيه في هذه المسألة من وجه فقال: لو أنّ المولى خاطب قوماً فقال: من ردّ منكم عبدي فله كذا فردّه أحدهم، استوجب ذلك المُسَمَّى، وهذا شيءٌ يأباه القياس، لأنّ العقد مع المجهول لا ينعقد، وبدون القبول كذلك. ولا شكّ أنّ الاستحسان الثابت باتفاق الصحابة خيرٌ من الاستحسان الثابت برأيه إذ الشريعة قامت بفتواهم إلى آخر الدَّهر، وليس لأحدٍ أن يظنّ بهم إلاّ أحسن الوجوه، ولكنه بحرٌ عميقٌ لا يقطعه كل سابحٍ ولا يصيبه كل طالبٍ.

(وَمِنْ أَقَلَّ مِنْهَا) ولرادّ الآبق من أقل مدّة سفرٍ (بِقِسْطِهِ) اعتباراً للأقل بالأكثر، (فَإِنْ أَبَقَ) من رادّه أو مات عنده (لَمْ يَضْمَنْ) لأنّه أمانة في يده، وهذا إذا أشهد (فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَلَا شَيء لَهُ) من الجُعْلِ، لأنّ ترك الإشهاد أَمارة أنّه أخذه لنفسه عند أبي حنيفة ومحمد (وَضَمِنَ إنْ أَبَقَ مِنْهُ) لأنه ليس بأمانة في يده. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>