للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَيْتٌ في حَقِّ غَيرِهِ، فَلا يَرِثُ مِن غَيرِهِ، أي يُوقَفُ قِسْطُهُ مِن مَالِ مُوَرِّثِهِ إِلَى تِسْعِينَ سَنَةً.

فَإنْ ظَهَر حَيًّا فَلَهُ ذَلِكَ، وَبَعْدَهَا يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ في مَاله يَوْمَ تَمَّتْ المُدَّةُ.

===

القضاء (١) على الغائب، وهذا إذا كان النّكاح معلوماً له. وإن أرادت إثباته بالبيّنة لم يسمعها القاضي عندنا خلافاً لزُفَر.

(مَيْتٌ في حَقِّ غَيْرِهِ، فَلَا يَرِثُ مِنْ غَيْرِهِ) لأنّ بقاءه حيّاً باستصحاب الحال، وفي توريثه من غيره إثباتُ ما لم يكن، والاستصحاب لا يصلح لذلك. ولمّا كان قوله: فلا يرِث ظاهراً في نفي التوريث أصلاً فسَّرَه بقوله: (أي يُوقَفُ قِسْطُهُ مِنْ مَالِ مُوَرِّثِهِ إِلَى تِسْعِينَ سَنَةً) من يوم وُلِدَ على المفتى به، لأنّ الغالب في زماننا عدم الحياة إلى تسعين إلاّ نادراً، والنادر لا عبرة به.

وروى الحسن عن أبي حنيفة مئة وعشرين سنةً. وعن أبي يوسف مئة سنة. وظاهر الرِّواية: التقدير بموت الأقران في بلده. والمختار أنّ ذلك مفوّضٌ إلى رأى الإمام إذ يختلف باختلاف الأشخاص، فإنّ المَلِكَ العظيم إذا انقطع خبره يغلب على الظنّ في أدنى مدّة أنه مات، لا سيما إذا دخل في مَهْلَكَةٍ (٢) . واقتصر مالك على أربعة أعوام واحتج بما رواه في «الموطّأ» عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المُسَيَّب أنّ عمربن الخطاب رضيالله عنه قال: أيُّما امرأة فقدت زوجها فلم تَدْر أين هو؟ فإنها تنتظر أربع سنين ثم تعتدّ أربعة أشهرٍ وعشراً ثم تحِلّ. ورواه عَبد الرَّزَّاق في «مصنفه» وزاد: إِنْ بَدَا لَهَا.

قلنا: تربُّصُها أربعُ سنين كان قول عمر في الابتداء، ثم رجع إلى قول عليّ: إنها امرأة ابْتُلِيَتْ، فَلْتبْصِر حتى يأتيها موتٌ أو طلاقٌ. رواه عبد الرَّزَّاق، وقال أيضاً: أخبرنا ابن جُرَيْج قال: بلغني عن ابن مسعود أنه وافق عليّاً على أنها تنتظر أبداً. وروى ابن أبي شيبة عن أبي قِلَابَة وجابر بن زيد والشَّعْبِيّ والنَّخَعِيّ كلّهم قالوا: ليس لها أن تتزوج حتى يتبيّن موته.

(فَإِنْ ظَهَر) المفقود (حَيّاً فَلَهُ ذَلِكَ) القسط الموقوف له (وَبَعْدَهَا) أي بعد التسعين سنةً (يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ في) حقّ (مَاله يَوْمَ تَمَّتْ المُدَّةُ) لأن هذا موت حكمي


= يعطيني ما يكفيني وَوَلدي إلّا ما أخذت منه، وهو لا يعلم! فقال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٩/ ٥٠٧، كتاب النفقات (٦٦)، باب إذا لم ينفق الرجل، فللمرأة أن تأخذ .. (٩). رقم (٥٣٦٤).
(١) عبارة المطبوع: وليس لها أن يؤاخذ القاضي على الغائب، والمثبت عبارة المخطوط.
(٢) المَهْلَكَةُ: المفازة. وقد سبق شرحها ص (٨٤)، التعليقة رقم: (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>