كلهم، ضمنَ شهودُ اليمين قيمةَ العبد ونصف المهر، لا شهودُ وجود الشرط. وقال زفر: يضمنون لأن التَّلَف حصل بشهادة الفريقين جميعاً، ولو رجع شهود الشرط وحدَهم، بأَن كانت اليمين ثابتة بالإقرار ضمِنوا عند بعض المشايخ، وإِليه مال فخر الإسلام. والصحيح أَنْ شهودَ الشرط لا يضمنونَ بحال، وإِليه مال شمس الأئمة السَّرَخْسِيّ، والله تعالى أَعلم.
ولو رجعوا بعدما شَهِدوا بِقصاص ضمِنُوا الدِّيَة وإِن قالوا: تعمدنا الكذب، ولا يقتص منهم عندنا. وبه قال مالك. وحَكَم الشافعي بالقِصاص ومعه أَشهب المالكي إِنْ قالوا: تعمدنا، وصاروا كالمُكْرَه، لأَن كل واحد قاتلٌ تسبباً.
ولنا أَنْ القِصَاصَ جزاءُ مباشرة الفعل، ولم يوجد منهم القتلُ مباشرةً، لأنها بفعل الولي، بخلاف المكرَه، لأَن المُكرَه صار آلةً للمُكْرِه، فأَضيفَ فعله إِليه، لأَن اختيارَه فاسدٌ واختيارَ المُكْرِه صحيح، على أَنه إِنْ لم يقطع النسبة بالكلية، فلا أَقلّ من أَنْ يُورث الشبهة، وهي مانعة للقَوَد، بخلاف الدِّية، لأَن المال يثبت مع الشبهة، والله سبحانه وتعالى أَعلم.