فإن أَبَى، لازَمَه والغَرِيْبَ قَدْرَ مجلسِ الحُكْمِ.
ولا يُكفِّلُ إِلا إِلى آخر المَجْلِس.
والحَلِف بالله تعالى لا بالطلاقِ والعَتَاق. فإن أَلحَّ الخَصْمُ قيل: صَحَّ بِهِمَا في زماننا.
===
نفسه، فيضيع حق المُدَّعي. والقياس أَنْ لا يُكَفِّل قبل إِقامة البينة، لعدم تعلق حقِ المُدَّعي حينئذٍ، وهو مذهب الشافعي. والتقديرُ بثلاثةِ أَيام مرويٌ عن أَبي حنيفة، وهو الصحيح. وعن أَبي يوسف: التقديرُ بما بين مجلسي القاضي.
أَما لو قال: ليس له بينةٌ، أَوْ: شُهُودي غُيَّبٌ، لا يُجْبَرُ الخصمُ على إِقامة الكفيلِ، لأن الغائب كالهالك، والاستحلاف في الحال ممكن.
ولو قال: لا بينة لي عليه ولا شهادة، ثم أَقام المُدَّعي البينةَ أَوْ شهد الشاهدُ قُبِلَت في الأصح، لإمكان التوفيق: بأَن كان له شهودٌ لا يَعلمُ بهم، أَوْ تَذَكَّرَهم بعد ما نسيهم، أَوْ تذكَّرَ الشاهدُ. وقيل: لا يقبلُ لظاهِرِ التناقض. ولو باع عَقَارَاً وقَرِيْبُهُ حَاضرٌ يعلم البيعَ، ثم ادّعَاه لا يَسمع دعواه، لأنه بسكوتِهِ أَولاً صار مصدِّقاً على صحة البيع، وبدعواه ثانياً يصير متناقضاً.
(فإِن أَبى) الخصمُ أَنْ يقيمَ كفيلاً بنفسه (لَازَمَه) المُدَّعي، أَي دار معه حيث سار، كيلا يغيبَ، فيذهب حقُهُ (و) لازم (الغَرِيْبَ قَدْرَ مجلسِ الحُكْمِ) أَي إِلى أَنْ يقوم القاضي من مجلِسِه.
(ولا يُكفِّلُ) الغريب (إِلا إِلى آخِر المجلس) لأن في أَخذ الكفيل منه وفي الملازمة له أَكثر من مجلس القاضي إِضراراً له بالمنع عن سفره (والحَلِف بالله تعالى لا بالطلاق والعَتَاق) لما في الصحيحين من حديث ابن عمر أَنْ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان حالفاً فليحلف بالله أَوْ ليَصْمُت». وفي رواية أَبي داود وغيره: أَنه صلى الله عليه وسلم قال: «إِنْ الله نَهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بآبائكم، فمن كان حَالِفَاً فليحلف بالله أَوْ ليسكت».
(فإِن أَلحّ الخصمُ) أَي أَكدَّ وبالغ (قيل: صح) التَّحْلِيْفُ (بهما في زماننا) لقلة مُبالاة الناس باليمين بالله تعالى وكثرةِ الامتناع عن الحَلِفِ بالطلاق والعتاق، لكن إِنْ نَكَلَ لا يُقضى عليه بالنكول، لأنه امتنع عما هو منهيٌ عنه شرعاً، ولو قُضِيَ عليه بالنكول لا يَنْفُذ. ولو طلب المُدَّعى عليه تحليفَ الشاهد أَوْ المُدَّعي: أَنه لا يعلمُ أَنْ الشاهدَ كاذبٌ، لا يُجيبُه القاضي، لأنا مأمورون بإِكرام الشهود والمُدَّعي لا يجبُ عليه اليمين، لا سيما إِذا أَقام بينةً.