للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفَسَخَ القاضي البيعَ.

ومَنْ نَكَلَ لَزِمَه دَعْوَى الآخَر، ولا تَحَالُفَ في الأَجَلِ والخِيَار، ولا في قَبْض بعضِ الثَّمَن.

وحَلَّفَ المُنْكِرَ، ولا بعد هلاكِ المَبِيعِ، وحَلَّفَ المُشتري،

===

حديث ابن مسعود بمجموع طرقه له أَصل، بل حديث حسن يُحتج به، لكن في لفظه اختلاف، ويدل على هذا أَنْ مالكاً أَخرجه في «الموطأ». قلت: وذكره محمد في «موطئه».

(وفسخ القاضي البيعَ) بينهما بطلب أَحدهما. وقيل: ينفسخُ بنفس التحالف وهو الأصح من مذهب الشافعي، (ومن نَكَلَ) منهما (لَزِمَه دعوى الآخَر) يعني بقضاء القاضي، لأنه بنكولِهِ صار مقرَّاً أَوْ باذلاً، فلم تبق دَعْوَاه معارِضةً لدعوى الآخر، فلَزِمَ القولُ بثبوت دعوى الآخر (ولا تحالُفَ في الأجل، و) لا في شرط (الخِيَار، ولا في قبض بعض الثمن) ولا في مقدار الأجل، ولا في قَدْر الشرط، ولا في الرهن، ولا في شرط الضمان (وحَلَّفَ المُنْكِرَ) لأن ثبوتَ هذه الأشياء لعارض. والقول لمُنكر العارض مع يمينه. وبه قال أَحمد. وقال زُفر ومالك والشافعي: يتحالفان.

(ولا) تحالف إِذا اختلفا في قَدْر الثمن وهو دَيْن (بعد هلاكِ المبيعِ) في يد المشتري عند أَبي حنيفة وأَبي يوسف (وحَلَّفَ المُشتري) وبه قال مالك في رواية، وأَحمد في رواية. وعند محمد: يتحالفان، ويُفسخ البيع على قيمة الهالك، وهو قول الشافعي وبه قال مالك في رواية، وأَحمد في رواية، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِذا اختلف المتبايعان تحالفا، وترادَّا» (١) . وهذا النص وإِن كان مطلقاً يقيدُ بحال قيام السلعة، بقرينة التراد أَوْ المراجعة، إِذْ المراد به ترادُّ العِوضين لا ترادُّ العقد، لأنه لا يُتصور ذلك. ولأبي حنيفة وأَبي يوسف قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذا اختلف المتبايعان والسلعةُ قائمة تحالفا وترادَّا». وقوله: «والسلعة قائمة» مذكور على وجه الشرط، والمُطلق يُحْمَلُ على المقيد إِذا وردا في حادثة واحدة وحكم واحد.

وعلى هذا الخلاف إِذا خَرَجَ المبيعُ عن مِلْك المشتري ببيعٍ أَوْ غيره، أَوْ صار بحالٍ لا يمكنُ رده بدون رضاه، وهذا إِذا كان الثمنُ دَيناً بأَن كان دراهم أَوْ دنانير، أَوْ مكيلاً، أَوْ موزوناً موصوفاً في الذِّمة، فإِن كان عيناً كان البيعُ مقايضةً، يتحالفا اتفاقاً،


(١) أخرجه ابن ماجه في سننه ٢/ ٧٣٧، كتاب التجارات (١٢)، باب البيعان يختلفان (١٩)، رقم (٢١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>