والجِنَاية في النَّفْسِ، وما دونها عَمْدًا أَو خَطَأً، والرِّقِ، ودَعْوَىَ الَّزْوجِ النِّكاحَ، وكان عِتْقًا بمالٍ وخُلْعًا.
ولم يَجُزْ عن دَعْوَاها النِّكَاح
===
سنةً وصيةً من رَبِّ الدار، فَجَحَدَه الوارث أَوْ أَقر به وصالحَه عن شيء جاز، لأن أَخذَ العوض عن المنفعةِ جائزٌ بالإِجارة، فكذا بالصلح، لكن لا يجوز بالمنفعة عن المنفعة، إِلا إِذا كانا مختلفِي الجنس، كما لو صالح عن السُّكنى على خدمة العبد، أَوْ زِراعة الأرض، أَوْ لبس الثياب. أَما إِنْ اتحد جنسهما كما لو صالح عن السُّكْنى على السُّكْنى، أَوْ عن الزراعة على الزراعة، فإِنه لا يجوز لأن المنفعة لا يجوز استئجارها بجنسها، ويجوز بخلاف جنسِهَا من المنافع، فكذا الصلح.
(و) صح الصلح عن دعوى (الجِنَايةِ في النفس وما دونها عَمْداً أَوْ خطأَ) سواء كان مع إِقرار أَوْ سكوت أَوْ إِنكار. أَما العمدُ في النفس فلقوله تعالى:{فَمَنْ عُفِي لَهُ مِنْ أَخِيْهِ شَيءٌ فاتِّبَاعٌ بالمَعْرُوفِ وأَدَاءٌ إِليه بإِحْسَانٍ}(١) ، فإِن معناه عند ابن عباس والحسن والضحاك: فمن أُعطي له وهو وليُّ القتيلِ من دم أَخيه أَي من جهةِ المقتول شيءٌ من المال بطريق الصلح. ونكَّرَه لأنه مجهولُ القدْر، فإِنه يُقدَّرُ بما تراضيا عليه. {فاتباع بالمعروف}
، أَي وعلى المُصَالِحِ أَداءٌ إِلى وليّ القتيل بإِحسان.
وأَما الخطأُ في النفس فلأَن موجبه المال، فيصير بمنزلةِ البيع، إِلا أَنه لا يصح الزيادة على قدر الدِّية إذا وقع الصلح على أحد مقادير الدية، كما لا يجوز الصلح على أَكثر من الدين من جنسه في دعوى الدَّين للربا، بخلاف الصلح عن القَوَدِ حيث تصح الزيادة فيه، لأن القَوَدَ ليس بمال. وأَما ما دون النفس فمعتبرٌ بالنفس، فيُلحق ما يُوْجِبُ القِصاصَ فيه بالعمد في النفس وما يُوْجِبُ المال فيه بالخطأ فيها.
(و) صح الصلح عن دعوى (الرِّقِ) بأَن ادّعى رجلٌ على آخَر أَنه عبدُه (و) عن (دعوى الزوج) على امرأَة (النكاح) والمرأَةُ تُنْكِرُه (وكان) الصلح عن الرق (عتقاً بمال) في حق المُدَّعي (و) عن النكاح (خُلْعَاً) في حق الزوج، لأنه أَمكن تصحيحُ الصلح فيهما بهذا الاعتبار، والصلح يجب حَمْلُهُ على أَقرب العقود إِليه وأَشبَهِهَا به احتيالاً لتصحيح تصرف العاقل ما أَمكن.