للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومَنْ أُمِرَ بأَداءِ نِصْفِ دَيْنٍ عليه غدًا، على أَنه بريءٌ مِمَّا زَادَ، إِنْ قَبِلَ بَرِئَ، وإِنْ لم يَفِ عَادَ دَيْنُهُ.

ولو عَلَّقَ صريحًا، كـ: إِن أَدَّيتَ إِليَّ كذا، فأَنت بريءٌ من الباقي، لا يَصِحُّ. ولو صَالحَ أَحدُ رَبَّيْ دَينٍ عن نِصْفِهِ على ثوبٍ اتَّبَعَ شَريكُهُ غرِيمَه بنصْفِهِ، أَو أَخَذَ نِصْفَ الثوب من شريكِهِ.

===

(ومَنْ أُمِرَ) بصيغة المجهول (بأَداء نصف دَيْن عليه غداً، على أَنه بريءٌ مما زاد) على النصف. (إِنْ قَبِلَ بَرِاءَ) مما زاد على النِصف إِنْ وفَّى بأَن أَدى نصفَ الدين في الغد براء (وإِنْ لم يف عاد دَينُهُ) كما كان ولم يبرأْ مما زاد على النصف، وهذا عند أَبي حنيفة ومحمد لأنه إِبراءٌ مقيدٌ بالشرط. وقال أَبو يوسف: بَرِاء مما زاد (على النصف) (١) لأنه إِبراءٌ مطلق.

(ولو علق صريحاً، كإِن أَديتَ) أَوْ إِذا أَديت أَوْ متى أَديت نصف الدين (إِليَّ كذا، فأَنت بريءٌ من الباقي لا يصحُّ)، لأنه تعليقٌ بالشرط صريحاً، وتعليق البَرَاءةِ بالشرط باطلٌ لما فيها من معنى التمليك. والفرقُ بين التقييد والتعليق إِما من حيث اللفظ: فإِن التقييدَ لا يُستعمل فيه لفظُ الشرط صريحاً وفي التعليق يُستعمل، وإِما من حيث المعنى: فإِن تقييد الإبراء بالشرط يحصُل به الإبراء في الحال، بشرط وجود ما قيد به، وفي التعليق لا يحصُل في الحال لأن المعلق بالشرطُ يُعدُّ معدوماً قبله، فكان التعليقُ بمنزلةِ الإضافة إِلى وقت الشرط.

(ولو صالح أَحدُ رَبَّيْ دينٍ عن نِصْفِهِ) أَي نصف الدَّيْن (على ثوبٍ اتَّبَعَ شَريكهُ غريمَه بنصْفِهِ) أَي نصف الدين لأن نصيبَه باقٍ في ذِمَّة الغريم، فإِن القابضَ قبض نصيبَ نفسِهِ (أَوْ أَخذ نِصْفَ الثوب من شريكِهِ) لأن له حقَّ المشاركة، إِلا أَنْ يضمنَ له شريكُهُ رُبُعَ الدَّين، لأن حقه في ذلك. قيد المصالح عنه بكونِهِ دَيناً، لأنه لو كان عيناً مشتركة لاختص المصالِحُ ببدل الصلح، وليس لشريكه أَنْ يشارَكَه فيه لكونه معاوضةً من كل وَجْه، لأن المصالَحَ عنه مالٌ حقيقةً، بخلاف الدَّيْن. وقيد المصالح عليه بكونه ثوباً، لأنه لو صالَحَه على جنسِهِ لشاركه فيه أَوْ رجع على المَدِين.

وقال البِرْجَنْدي: وإِنّما قال: على ثوب لأنه لو وقعت المُقاصَّة (٢) بدَينِهِ السابق لا


(١) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.
(٢) المقَاصَّة: المقاصة بين شخصين: طرح كل واحد ماله على الآخر مما عليه له. معجم لغة الفقهاء ص ٤٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>