للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الثوب كلَّه.

وإِلى جابرِ بن سَمُرة أنه سُئل عن الرجل يصلي في الثوب الذي يُجامِع فيه أهلَه؟ قال: صَلِّ فيه إلا أن تَرى فيه شيئاً فاغسِله، ولا تَنْضَحْه فإنَّ النضح لا يَزيدُه إلا شَراً.

وإِلى أنس بن مالك أنه سُئل عن قَطِيفة (١) أصابَتْها جنابةٌ لا يُدرَى أين موضِعُها؟ قال: اغسِلْها.

وروى ابن أبي شيبة: أنَّ رجلاً سأل عُمَر رضي الله عنه فقال: إني احتَلمتُ على طِنْفِسَة؟ فقال: إن كان رَطْباً فاغسِلْه، وإن كان يابساً فاحْكُكْه، وإن خَفِيَ عليك فارْشُشْه بالماء. والطِّنْفسةُ: مثلَّثةُ الطاءِ والفاءِ، وبكسر الطاء وفتح الفاء وبالعكسِ: واحدةُ الطنافسِ: للبُسُطِ والثيابِ والحصيرِ من سَعَف عَرْضُه ذراع.

وأُجيب عن قولهم: إنه أصلُ أولياءِ الله تعالى بأنه أصلُ أعدائه، فينبغي أن لا يكون طاهراً، فإذا تعارَضَا تَسَاقَطَا، فلا يصلح الاستدلالُ في هذه الحال. على أنه لا استبعادَ في أن يتكوَّنَ الطاهرُ مِنْ النَّجِس كاللَّبَنِ من الدَّم، بل إظهارٌ لكمالِ القُدرة.

ثم إذا فُرِكَ المنيُّ حُكِمَ بالطهارةِ عند أبي يوسف ومحمد وهو الأصح، وبتقليلِ النجاسة وتخفيفيها في أظهر الروايتينِ عن أبي حنيفة، فلو أصابه ماءٌ عاد نَجِساً عند أبي حنيفة خلافاً لهما، وفي «الخلاصة»: المختارُ أنه لا يعود نَجِساً.

ولهذه المسألة نظائر (٢) : الخُفُّ إذا أصابه نَجَسٌ فدُلِكَ، والأرضُ إذا أصابها نجاسةٌ وذهَبَ أثرُها، والبِئرُ إذ غار ماؤها وكانت نَجِسةً، وجِلدُ الميتة إذا دُبِغَ بنحوِ الشمس، بخلاف ما إذا دُبِغَ بنحو القَرَظِ ـ محرَّكةً ـ وهو وَرَقُ السَّلَم.

ثم البَدَنُ مثلُ الثوبِ في الاكتفاءِ بالفَرْكِ في ظاهر الرواية، لأنَّ البَلْوَى فيه أشدُّ لانفصالِ الثوب عن المنيِّ دون البَدَن، فالتَحقَ به دلالةً. وروى الحسنُ عن أبي حنيفة: أنه لا يُجزاءُ فيه الفَرْكُ، وهو روايةٌ عن أبي يوسف.


(١) القطفة: ثوب مُخْمَل. مختار الصحاح ص ٢٢٧، مادة (قطف).
(٢) أي هذا الخلاف الذي يجرى في هذا الفرع يجري في نظائر له من كل ما حُكِمَ بطهارته بغير مائع، مع العلم أن المعتَمد في هذه النظائر قول الصاحبين، وهو بقاء طهارتها إذا أصابها الماء. أفاده الشيخ عبد الفتاح رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>