وعن غيرِه بالغَسْلِ فقط، والسيفُ ونحوُه بالمسح، والبِساطُ بجرْي الماء عليه ليلةً، والأرضُ وما اتَّصلَ بها، كالخُصِّ والكَلأ، باليُبْسِ
===
(و) يَطْهُرُ (الخُفُّ) وكذا النَّعْلُ (عن نَجَسٍ ذي جِرْم) سواءٌ كان جِرْمُه منه كالدَّمِ والعَذِرة، أو من غيره كالبول الملتصقِ به تراب، وأيضاً سواء جَفَّ ذو الجِرْم أو لم يَجفَّ، وهو قولُ أبي يوسف وعليه الأكثر، وفي «النهاية»: وعليه الفتوى. وقال أبو حنيفةَ: يُشترَط جفافُ ذي الجِرْم في طهارة الخُفّ (بالدَّلْكِ بالأرض).
وقال محمد وزفر ومالك والشافعي: لا يَطْهُرُ الخُفُّ من غير المنيِّ الجافِّ إلا بالغَسْل كالنجاسة التي لا جِرْم لها (١) .
ولأبي حنيفة وأبي يوسف ما رواه أبو داود، وابن حبان، وابن خُزيمة، والحاكم وقال: صحيحٌ على شرط مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا وَطِيءَ أحدُكم الأَذى بخُفَّيه فطهورُهما التراب». ولما رواه الطحاوي وأبو داود عن أبي سعيد:«إذا جاء أحدُكم المسجدَ فلْيَنظر فإنْ رأى في نعليه قَذَراً أو أذىً فلْيَمسَحه وليُصلِّ فيهما». لكنَّ أبا حنيفة يقول: إنَّ الرَّطْب لا يزول بالدَّلكِ، فيُشترَطُ الجفاف.
(وعن غيرِه) أي غيرِ ذي الجِرْم (بالغَسْلِ فقط) لأنَّ أجزاء النجاسة تَتشرَّب في الخفِّ فلا تَخرجُ منه إلا بالغَسْل، بخلافِ ذي الجِرْم، فإنه يَجذبُ ما في الخفِّ من الأجزاء النَّجِسة بجِرْمه إذا جَفّ.
(و) يَطْهُرُ (السيفُ) أي الصَّقِيل (ونَحوُه) في الصَّقالةِ وعدمِ المسامّ، سواءٌ كان النَّجَسُ رَطْباً أو يابساً (بالمسحِ) لأنَّ الغَسْلَ يُفسده، وفيه خلافُ محمد. ولهما: أنَّ الصحابة كانوا يقتلون الكفَّار بسيوفهم ثم يَمسحونها ويصلُّون معها. وقيَّدْنا بالصقيل لأنه لو كان السيفُ غيرَ صقيل أو كان الثوبُ صقيلاً: لا يَطْهُرُ إلا بالغسل.
(و) يَطْهُر (البِساطُ) أي الكبيرُ الذي لا يُمكن عصره (بجَرْي الماء عليه ليلةً) أي قَدْرَ ليلةٍ أو يوم، لأنَّ بذلك يُظَن زوالُ النجاسةِ منه. والتقديرُ بالليلةِ لقطع الوسوسة.
(و) تَطهرُ (الأرضُ وما اتَّصلَ بها كالخُصِّ) بضم المعجمة وتشديد المهملة: البيتُ مِنْ قَصَبٍ وجَرِيدٍ ونحوهما (والكلأ) وهو بالهمزة مقصوراً: العُشْبُ (باليُبْسِ
(١) لكن رجع الإمام محمد إلى قول الشيخين: أبي حنيفة وأبي يوسف من طهارة الخُفِّ بالدَّلك، بعد دخول الرَّيّ ومشاهدته فيها بلوى الناس بالأرواث ونحوها. أفاده الشيخ عبد الفتاح رحمه الله تعالى. انظر "تبيين الحقائق" ١/ ٧١.