للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهابِ الأثر للصلاةِ لا التيمُّم.

===

وذهابِ الأثر) سواءٌ كان ذلك بشمسٍ أو ريحٍ أو نار. قيَّدَ بالاتصالِ لأنه لو كان منفصلاً لا يَطهُرُ إلا بالغَسْل (للصلاةِ) متعلِّقٌ بـ: تَطْهُرُ المقدَّر، أي تَطْهُرُ في حقِّ الصلاة (لا) في حقِّ (التيمُّم) اتفاقاً. وعن أبي حنيفة: تَطهُرُ للتيمُّم أيضاً (١) .

أمَّا الطهارةُ للصلاة فلِما روى مالك في «الموطَّأ»، وأبو داود في «سننه»، وابن خُزيمة في «صحيحه» عن ابن عُمَر قال: كنت فتًى شاباً عَزِباً ـ بكسر الزاي ـ أبيتُ في المسجد، وكانت الكلابُ تبولُ وتُقبِلُ وتُدبِرُ في المسجد، فلم يكونوا يَرُشُّون شيئاً من ذلك.

وأمَّا عدَمُ الطهارةِ للتيمّم، فلأنَّ طهارة الأرض للتيمم ثبتَتْ بالكتاب فلا تتأدَّى بما ثبَتَ بخبر الواحد، كما لا يتأدَّى مسحُ الرأس الثابتُ بالكتاب بمسحِ الأُذن الثابتِ كونُها من الرأس بخبر الواحد، وكما لا تتأدَّى التوجُّهُ إلى البيتِ الثابتُ بالكتاب بالتوجُّهِ إلى الحَطِيم الثابتِ كونُه من البيتِ بخبر الواحد.

وقال مالك والشافعي وزفر: لا تَطهُرُ الأرض باليُبس.

ولنا: ما رُوي عن عائشة ومحمد بن الحنفية: ذكاةُ الأرض يُبْسُها (٢) . وجعَلَه في «الهداية» مرفوعاً، ولم أره. وعن أبي قِلَابة: جُفوفُ الأرض طَهورُها (٣) . وجعَلَ في «المبسوط» قولَه: أيُّما أرضٍ جَفَّتْ فقد ذَكَتْ، حديثاً مرفوعاً. و: ما في «سنن أبي داود» بابُ طَهورِ الأرض إذا يَبِسَتْ، وأَسنَدَ عن ابن عُمَر قال: كنتُ أبِيتُ في المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنتُ فتىً شابّاً عَزِباً، وكانت الكلابُ تَبولُ وتُقبِلُ وتُدبرُ في المسجد، ولم يكونوا يَرُشُون شيئاً من ذلك. انتهى. فلولا اعتبارُ أنها تَطهرُ بالجفاف كان ذلك تبقيةً لها بوصفِ النجاسة، مع العلم بأنهم يقومون عليها في


(١) قال الزيلعي في "تبيين الحقائق" ١/ ٧٣: وروي عن أبي حنيفة أنه يجوز التيمم به - أي بالأرض التي كانت نجسة ثم يبست وجفت - فعلى هذا لا فرق بينهما، والظاهر الأول. أي: لا يجوز التيمم بها.
(٢) يريد بذكاتها طهارتها من النجاسة. النهاية ٢/ ١٦٤. والحديث لا أصل له في المرفوع؛ ذكره ابن أبي شيبة في "مصنَّفه" موقوفًا على أبي جعفر محمد بن علي الباقر بلفظ الكتاب، ١/ ٥٧، كتاب الطهارات، باب الرجل يطأ الموضع القذر. وأخرج عن ابن الحنفية وأبي قِلابة، قال: إذا جفَت الأرض فقد ذَكَت. المصدر السابق، باب من قال: إذا كانت جافة فهو ذكاتها. انظر نصب الراية ١/ ٢١١، والتلخيص الحبير ١/ ٣٧.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٣/ ١٥٨، باب تزيين المساجد والممر في المسجد، رقم (٥١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>