للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُعفَى ما دون رُبعِ الثوب مِن نَجِسٍ خَفَّ

===

الصلاة البتة لصِغَرِ المسجد وكثرةِ المصلين.

(ويُعفَى ما دون رُبعِ الثوب) وكذا حُكمُ البَدَن.

(مِنْ نَجِسٍ) بكسر الجيم أي ذي نجاسةٍ (خَفَّ) (١) وهو الصحيحُ من قول أبي حنيفة ومحمد، خلافاً لأبي يوسف حيث قال: المانعُ شِبْرٌ في شِبْر، وهو روايةُ الحسنِ عن أبي حنيفة، والمذهبُ هو الأوَّل، لأنَّ ما دون رُبعِ الثوب ليس بفاحش، والمانعُ في النجاسةِ الخفيفةِ هو الفاحش، ولقيامِ الربع مقامَ الكُلِّ في وجوبِ الصلاة في ثوبٍ رُبعهُ طاهر، وفي وجوبِ مسح ربعِ الرأس في الوضوء، وفي لزوم الجزاءِ بحَلْقِ رُبعِه وهو مُحرِمٌ، وفي انكشافِ رُبعِ العورة.

فقيل: مرادُهم رُبعُ أدنى ثوب تجوزُ الصلاةُ فيه كالإِزار. وقيل: رُبعُ جميع الثوبِ أو البدن. قال في «المبسوط»: وهو الصحيح. وقيل: رُبعُ الموضعِ الذي أصابته النجاسة كالذَّيْل والكُمِّ والدِّخْرِيصِ (٢) ـ معرَّب التَّيرِيز ـ وكالرِّجْلِ واليَدِ والظَّهرِ والبَطْن، قال صاحب «التحفة»: وهو الأصحّ.

وسبَبُ تخفيف النجاسة عند أبي حنيفة تعارُضُ النَّصَّينِ في طهارتِه ونجاستِه وترجُّحُ النجاسة. وعندَهُما اختلافُ العلماءِ المتقدِّمين من الصحابة والتابعين في طهارتِه ونجاستِه وترجُّحُ النجاسة. وسبَبُ تغليظِ النجاسة عندَهُ عدَمُ تعارضِ النَّصَّين، وعندَهُما عدَمُ اختلافِ العلماء فيها.

وثمرةُ الخلافِ تَظهرُ في الرَّوْثِ والخِثْي والبَعْر، فعندهما نجاسةٌ مخفَّفة لاختلافِ العلماء فيها، وعنده مغلَّظة، لأنَّ ما رواه البخاري من حديث ابن مسعود أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ألقى الرَّوثةَ وقال: «إنَّها رِكْس»: لم يُعارِضْه نصٌّ. والرِّكْسُ: بكسر الراء: الرِّجْسُ. والرَّوثُ للفرسِ والبغلِ والحمار. والخِثْيُ بكسر الخاء وسكون الثاء للبقرِ والجاموس. والبَعْرُ للبعيرِ والشَّاة.

وإن مالكاً يَرى طهارتَها، لأنها وقودُ أهل الحرمين (٣) ، وبه يَثبُتُ التخفيفُ


(١) أي كانت النجاسة فيه من قسم النجاسة الخفيفة.
(٢) الدَّخْرِيص: الشق في أسفل الثوب ليساعد لابسه على المشي. معجم لغة الفقهاء ص ٢٠٧.
(٣) قال الشيخ عبد الفتاح أبو غُدَّة رحمه الله: هذا التعليل عليل لا أصل له في كتب السادة المالكية، وقد راجعت الكثير منها: المطولات والمختصرات، راجعت من شروح "مختصر خليل" شرح الخطَّاب =

<<  <  ج: ص:  >  >>