للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في أَربعةِ مجالس، رَدَّهُ الإمامُ كَلَّ مَرَّةٍ،

===

أَربع مراتٍ (في أَربعةِ مجالس) من مجالسِ المُقرّ، فإِن الإقرار قائمٌ به فيعتبرُ مجلِسُهُ دون مجلسِ القاضي، (رده الإمام كلَّ مرةٍ) أَي من المرات الثلاث، فإِنه إِذا أَقر مرةً رابعة لا يرده بل يقبله فيسأَله كما مَرَّ من الأمور الخمسة. إِلا متى زنا، لأن التقادم لا يمنع الإقرار. وقيل: يسأَله لاحتمال أَنْ يكون في زمن الصِّبَى أَوْ الجنون. ثم اختلاف مجالس المُقرّ في الزنا شرطٌ عندنا خلافاً لأحمد وابن أَبي ليلى، فإِنهما قالا: لا يشترط اختلاف مجالس المقرّ، وإِنما يُشْتَرط العدد اعتباراً للإقرار بالشهادة. ولنا ما سيأْتي من حديث مَاعِز الأسْلَميّ وهو بكسر مهملة فزاي.

وفي «الإيضاح»: ينبغي للإِمام أَنْ يزجره عن الإقرار ويُظْهِر الكراهة له، فقد روى أَبو داود والنَّسائي وأَحمد في «مسنده» عن يزيد بن نُعَيْم بن هَزَّال عن أَبيه قال: كان ماعزُ ابن مالك يتيماً في حَجْرِ أَبي فأَصاب جاريةً من الحي، فقال له أَبي: ائْت رسول الله فأَخبِرْه بما صنعت لعلَّه يستغفر لك، وإِنما يريد بذلك رجاء أَنْ يكون له مخرج فأَتاه (١) فقال: يا رسول الله إِني زنيتُ (فأَقم عليّ كتاب الله)، فأَعرض عنه، فعاد حتّى قالها أَربع مراتٍ.

فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنك قد قلتها أَربع مراتٍ، فبمن؟» قال: بفلانة. قال: «هل ضاجعتها؟» قال: نعم. قال: «هل باشرتها؟» قال: نعم. قال: «هل جامعتها؟» قال: نعم. فأَمر به أَنْ يُرْجم (فأُخرج إِلى الحَرَّة) (٢) ، فلمَّا وجد مسّ الحجارة خرج يشتدّ، فلقيه عبد الله بن أُنَيْس فنزع له بَوظِيْف (٣) بعيرٍ فقتله. وذكر ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «هلاّ تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه». وزاد فيه أَحمد: قال هشام: فحدَّثني يزيد بن نُعَيْم عن أَبيه أَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له حين رآه: «والله يا هزَّال لو كنت سَتَرْته بثوبك لكان خيراً لك ممّا صنعت به».

وروى أَيضاً أَبو داود والنَّسائي من حديث أَبي هريرة قال: جاء الأسلميُّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم فشهد على نفسه أَنه أَصاب امرأَة حراماً أَربع مراتٍ، كل ذلك يُعْرض عنه. فأَقبل في الخامسة فقال: «أَنِكْتَها؟» (قال: نعم) (٤) ، قال: «حتى غاب ذلك منك في


(١) في المطبوع: فاتبعه والمثبت من المخطوط وهو الصواب لموافقته لما في سنن أبي داود ٤/ ٥٧٣ - ٥٧٦، كتاب الحدود (٣٧)، باب رجم ماعز بن مالك (٢٤)، رقم (٤٤١٩).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط والصواب إثباته.
(٣) وظيف البعير: خُفُّه، وحوله كالحافر للفرس. النهاية ٥/ ٢٠٥.
(٤) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط، وهي صحيحة لموافقتها لما في سنن أبي داود ٤/ ٥٨٠، كتاب الحدود (٣٧)، باب رجم ماعز بن مالك (٢٤)، رقم (٤٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>