للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإِن أَبَوا، أَو غَابُوا، أَوْ مَاتُوا، سَقَطَ. ثُمَّ الإمَامُ، ثُمَّ النَّاسُ. وَفِي المُقِرِّ يَبدَأُ الإمَامُ ثُمَّ النَّاسُ.

===

(فإِن أَبَوا) أَي الشهود كلّهم أَوْ بعضهم من البداية بالرجم (أَوْ غَابُوا أَوْ مَاتُوا سَقَطَ) الرجم لفوات الشرط، وهو بداية الشهود، لكن لا يقام الحدُّ عليهم، لأنهم ثابتون على الشهادة، وإِنما امتنعوا عن مباشرة القتل، وذلك لا يكون رجوعاً، فإِن الإنسان قد يمتنع عن القتل بحقَ. كذا في «المبسوط».

(ثُمَّ الإمَامُ) إِنْ حضر، فإِنه لا ينبغي التقدم عليه إِلا بإِذنه (ثُمَّ النَّاسُ) فإِنه يُسْتَحَبّ للإمام أَنْ يأَمر جِماعة المسلمين أَنْ يَحْضُروا إِقامة الحد من الرَّجم والجلد لقوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ المُؤْمِنِيْنَ} (١) وعن ابن عباس يكفي واحدٌ، وبه قال أَحمد، وقال عطاء وإِسحاق: اثنان، وقال الزُّهْرِيّ: ثلاثة، وقال الحسن البصري: عشرة. وعن الشافعيّ ومالك: أَربعة. وفي «الإيضاح»: لا بأْس لكل مَنْ رمى أَنْ يتعمّد (القتل، لأنه المقصود من الرجم إِلاّ إِذا كان المرجوم مَحْرماً من الراجم، فإِنه يستحبّ أَنْ لا يتعمّد) (٢) قتله.

(وَفِي المُقِرِّ) أَي في رجمه (يَبْدَأُ الإمَامُ) بالرّجم (ثُمَّ النَّاسُ) وقال مالك والشافعيّ وأَحمد: لا يُشْتَرَط بداية الإمام ولكن يستحبُّ. ولنا: ما روى ابن أَبي شَيْبَة في «مصنفه» عن عبد الله بن إِدْرِيْس، عن يزيد عن عبد الرحمن بن أَبي ليلى: أَنْ علياً كان إِذا شهِد عنده الشهود على الزنا: أَمر الشهود أَنْ يرجموا، ثم رجم هو، ثم رجم الناس. وإِذا كان بإِقرارٍ: بدأَ هو فرجم، ثم رجم الناس بعده.

وروى أَيضاً عن أَبي خالدٍ الأحمر، عن الحجَّاج، عن الحسن بن سعد، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن عليّ أَنه قال في امرأَة رجمها: أَيها الناس، إِنْ الزنا زِنَيان: زنا سرٍ، وزنا علانيةٍ، فزنا السر: أَنْ يشهد الشهود، فيكون الشهود أَول من يرمي، ثم الإمام، ثم الناس. وزنا العلانية: أَنْ يظهر الحَبَل أَوْ الاعتراف، فيكون الإمام أَول مَنْ يرمي. قال: وفي يده ثلاثة أَحجارٍ فرماها بحجرٍ فأَصاب صِمَاخها (٣) ، فاستدارت ورمى الناس.

وفي «سنن أَبي داود» من حديث ابن أَبي بكرة (٤) عن أَبيه: أَنْ النبي صلى الله عليه وسلم رجم


(١) سورة النور، الآية: (٢).
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.
(٣) الصِّمَاخ: قناة الأُذن التي تفضي إِلى طبلته. المعجم الوسيط ص ٥٢٢، مادة (صَمَخ).
(٤) حُرِّفْت في المطبوع إِلى: أَبي بكرة، والمثبت من المخطوط، وهو الصواب لموافقته لما في سنن أَبى داود ٤/ ٥٩٠، كتاب الحدود (٣٧)، باب المرأَة التي أَمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برجمها من جُهَيْنَة (٢٤)، رقم (٤٤٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>