للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يبدأ بِهِ شُهُوْدُهُ،

===

وخالف الشافعي في اشتراط الإسلام في الإحصان، وهو رواية عن أَبي يوسف لِمَا في الكتب الستة ـ مختصراً ومطوَّلاً ـ من حديث ابن عمر أَنَّ اليهود جاؤوا إِلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فذكروا له: أَنْ رجلاً منهم وامرأَةً زنيا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تجدون في التوراة في شأْن الرجم؟» قالوا: نفضحهم ويُجْلَدون، فقال عبد الله بن سَلَام: كذبتم، إِنَّ فيها الرجم، فأَتوا بالتوراة فنشروها، فجعل أَحدهم يده على آية الرَّجم وجعل يقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سَلَام: ارفع يدك. فرفعها فإِذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدقت يا محمد، فيها آية الرجم. فأَمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَا.

ولنا ما روى ابن إِسحاق بن رَاهُوْيَه من حديث ابن عمر أَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أَشرك بالله فليس بمُحْصَن». قال إِسحاق: ـ رفعه مرَّة ـ، فقال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقفه مرّةً، ومن طريق إِسحاق بن رَاهُويه رواه الدَّارَقُطْنِيّ في «سننه»، ثم قال: لم يرفعه غير إِسحاق، والصواب أَنه موقوفٌ. وفي روايةٍ أَخرى عنه: «لا يُحَصِّن المُشْرك (١) بالله شيئاً». وروى ابن أَبي شَيْبَة في «مصنفه» أَنه صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن مالك لَمّا أَراد أَنْ يتزوج يهودية: «لا تتزوجها، فإِنها لا تُحْصِنْك». والجواب عن رَجْمِه صلى الله عليه وسلم لليهوديين أَنه كان بحكم التوراة، والكلام فيه بحكم الإسلام.

(يَبْدأُ بِهِ) أَي بالرجم (شُهُوْدُهُ) لأن الشاهد قد يتجاسر على أداء شهادة كاذباً، ثم إِذا آل آمره إِلى القتل يمتنع عنه، فكان في بدئهم احتيالٌ لدرء الحدّ. وأُمِرنا به لقوله صلى الله عليه وسلم: «ادرؤا الحدود عن المسلمين ما استطعتم». رواه أبو داود وأَبو يَعْلى المَوْصِلي (٢) . وفي «سنن ابن ماجه»: «ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعاً».

وفي «سنن الترمذي»: «ادرؤا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإِن كان له مَخْرجٌ فخلُّوا سبيله، فإِن الإمام أَنْ يُخْطِاءَ في العفو خيرٌ له من أَنْ يُخْطِاء في العقوبة». وقال مالك والشافعي، وأَحمد وأَبو يوسف في روايةٍ: لا يُشْتَرط بداية الشهود، لكن يستحبّ حضورهم وبدايتهم بالرميّ اعتباراً بالجلد. وأُجيب بأَن كلّ واحدٍ لا يُحْسِن الجَلْد فرُبَّما يقع مُهْلِكاً، والإهلاك غير مُسْتَحَقّ، ولا كذلك الرجم فإِنه إِتلافٌ.


(١) لفظ المخطوط: "لا يحصن الشرك بالله شيئًا". والمثبت من المطبوع وهو الصواب لموافقته لما في سنن الدَّارقطني ٣/ ١٤٦، ١٤٧ كتاب الحدود والديات وغيره، رقم (١٩٧).
(٢) في المطبوع: رواه أبو داود وأبو يعلى، وفي المخطوطة: رواه أبو يعلى، وهو الصواب لأننا لم نجده في سنن أبي داود، ولم يَعْزه المخرِّجون إِلى سنن أبي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>