للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الأُمة، وقال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ المُحْصَنَاتِ} (١) أَي الحرائر، ولأنها ممكَّنة من النكاح الصحيح المغني عن الزنا بخلاف الأَمة. وأَمّا التكليف، فلأَن العقل والبلوغ شرط الأهلية للعقوبات كلِّها. وأَمّا التزوج بنكاحٍ صحيحٍ، فلأن الإحصان يُطْلَق عليه، قال الله تعالى: {والمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} (٢) أَي والمنكوحات، وقال: {فإِذَا أُحْصِنَّ} (٣)

أَي تزوَّجن، ولأن به التمكّن من وطاء الحلال. وأَمّا الوطاء فلقوله صلى الله عليه وسلم: «الثَّيِّبُ بالثيب» (٤) … الحديث، والثُّيُوبَة لا تُعْتَبر بغير وطاءٍ، ولأنه بإِصابة الحلال تنكسر شهوته فيستغنى عن الزنا.

والمُعْتَبَر إِيلاج الحَشَفَة بحيث يجب الغُسْل، ولا يُشْتَرَط الإنزال. وشُرِطَ أَنْ يكون بنكاحٍ صحيحٍ، لأن الجماع في النكاح الفاسد لا يصير به مُحْصَنَاً، لأنه نوع من الوطء الحرام، فلا تتم النعمة به ويثبت الإحصان برجلٍ وامرأَتين عندنا، وما قصرنا ثبوت الإحصان على شهادة الرِّجال كمالك والشافعيّ وزُفَر.

وإِنّما كان حدّ المُحْصَن الرجم لِمَا في حديث جابر المتقدّم أَنه صلى الله عليه وسلم سأَل ماعزاً: «هل أَحصنت؟» قال: نعم. فأَمر برجمه (٥) . ولما روى الشيخان من حديث ابن عباس: أَنْ عمر بن الخطاب خطب فقال: إِنْ الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحقّ، وأَنزل عليه الكتاب، فكان فيما أَنزل عليه آية الرجم فقرأَناها (وعقلناها) (٦) وَوَعَيْنَاهَا. ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأَخشى إِنْ طال بالناس الزمان أَنْ يقول قائلٌ: ما نجد آية الرجم في كتاب الله. فَيَضِلُّوا بترك فريضةً أَنزلها الله، فالرجم حقّ على من زنى من الرجال والنساء إِذا كان مُحْصَنَاً إِنْ قامت البيِّنة، أَوْ كان الحَبَل أَوْ الاعتراف، (وايم الله، لولا أَنْ يقول الناس: زاد عمر في كتاب لله لكتبتها) (٧) .


(١) سورة النساء، الآية: (٢٥).
(٢) سورة النساء، الآية: (٢٤).
(٣) سورة النساء، الآية: (٢٥).
(٤) أَخرجه الإمام مسلم في صحيحه ٣/ ١٣١٦ - ١٣١٧، كتاب الحدود (٢٩)، باب حدّ الزنا (٣)، رقم (١٣ - ١٦٩٠).
(٥) سبق تخريجه من قبل الشارح ص ١٩٩.
(٦) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، والصواب إثباته لموافقته لما في صحيح مسلم ٣/ ١٣١٧، كتاب الحدود (٢٩)، باب رجم الثيّب في الزنا (٤)، رقم (١٥ - ١٦٩١).
(٧) ما بين الحاصرتين زيادة غير موجودة في الصحيحين، وإنما أَخرجها أَبو داود في سننه ٤/ ٥٧٢ - ٥٧٣، كتاب الحدود (٣٧)، باب في الرجم (٢٣)، رقم (٤٤١٨)،.

<<  <  ج: ص:  >  >>